عدة الأكياس في شرح الأساس لعقائد الاكياس،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

فرع:

صفحة 269 - الجزء 1

  من الخلق فوجب أن يتبع حال الحدوث، كما في أسود وأبيض ونحوهما فإنها لما كانت مشتقةً من السواد والبياض ونحوِهما لم يُسَمَّ أسود وأبيض إلا ما فيه سواد أو بياض حال الوصف، ولا يوصف بذلك محلُّ سوادٍ قد عدم عنه⁣(⁣١) أو سيوجد، قالوا: وهذا معلوم من اللغة، (ولِافتقارِهِ إلى القرينةِ)؛ إذ لو أطلق لفظ «خالق» ونحوه لم يُفهم منه إلا حصول مضمونه وقت التكلم أو في الماضي، وأما المستقبل فلا يُفهم منه إلَّا بقرينة. وهذا في اشتقاق الصفة من المستقبل. وأما اشتقاقها من الماضي كـ «ضاربٍ» لمن قد وقع منه الضرب في المدة المتقدمة فحكى في الفصول عن الجمهور أنه يكون مجازاً، وأنه يشترط في كونه حقيقةً بقاءُ معناه مطلقاً. وحكى عن أبي هاشم وابن سيناء⁣(⁣٢): أنه لا يشترط بقاء معناه مطلقاً، بل يكون في الماضي حقيقةً كالحال.

  قال: وقيل: إن كان بقاؤه ممكناً بوجود أجزائه دفعة كـ «ضارب» اشتُرِط، وإلَّا فلا كـ «متكلم»، قال⁣(⁣٣): وهو في المستقبل مجاز اتفاقاً. انتهى. فعرفت ضعف الرواية عن أبي هاشم وأنه إنما خالف في اشتقاق الصفة من الماضي، وقوله هو الحق - أعني: أنه حقيقة في الماضي كالحال -؛ لأنه يقال: «فلان ضارب وقاتل» لمن وقع منه الضربُ والقتلُ من غير نظرٍ إلى بقاء المشتق منه أو انقطاعه؛ لأن الموجب للحقيقة هو حصول معناها اللغوي وهو حصول المشتق منه وقد حصل، وهذا هو السابق إلى الفهم، حتى لو قال قائل: «فلان ضارب» لم يترجح فَهْمُ الحالية منه على


(١) في الأصل و (ب): منه. و (أ): عنه.

(٢) الحسين بن عبدالله بن سينا، أبو علي، الفيلسوف، صاحب التصانيف في الطب والمنطق والطبيعيات، أصله من بلخ، ومولده في إحدى قرى بخارى ٣٧٠ هـ، ونشأ وتعلم في بخارى، وطاف البلاد، وناظر العلماء، واتسعت شهرته، ثم صار إلى أصفهان، وصنف بها أكثر كتبه، وعاد في أواخر أيامه إلى همذان، فمرض في الطريق ومات بها ٤٢٨ هـ. قال ابن قيم الجوزية: كان ابن سينا - كما أخبر عن نفسه - هو وأبوه من أهل دعوة الحاكم، من القرامطة الباطنيين. أشهر كتبه القانون (ط) في الطب. (الأعلام للزركلي باختصار).

(٣) أي: صاحب الفصول.