فرع:
  الله خالق آدم في الثالث، ورازق العباد في الثاني، ويومَ القيامة في الأول، فَجَعْلُهُ حقيقة في أحدها مع استوائه في الإطلاق عليها تحكم.
  (و) أمَّا (نصب القرينة) فهو (لا بُدَّ منه لكل واحدٍ من الثلاثة) المعاني: الماضي والحال والاستقبال (عرف ذلك بالاستقراء، وليس ذلك) أي: نصب القرينة (إلا للاشتراك فقط) أي: لكونه اسماً مشتركاً بين الثلاثة المعاني، كالقرءِ والعين، (ففي دعوى الحقيقة في البعض دون البعض تحكُّم) أي: مجرد دعوى بغير دليل.
  ويمكن أن يقال: إنه مع الإطلاق لا يفهم منه إلا الحاليَّة أو المضي(١) دون الاستقبال إلا بقرينة، وهذا هو المتبادر إلى الفهم، والله أعلم.
  (وأيضاً لا مانع من أن يقال: إنه تعالى خالق ما سيكون قبل ورود السمع، فلو كان مجازاً لامتنع) القول به؛ لِمَا ثبت من أنه لا يجوز أن يُطلق على الله سبحانه شيء من الأسماء المجازية إلا بإذنٍ سمعي.
  ويمكن أن يقال: إن وصف الله سبحانه بما يفعله قطعاً يجوز وفاقاً بغير إذنٍ سمعي، وإن كان مجازاً كما تقدم من رواية النجري نحو: مثيب الأنبياء، ومعذب الأشقياء.
  واعلم أن الناس اختلفوا في كيفية ابتداء وضع اللغات، فقال الشيخ أبو هاشم ومن تابعه: إنه كان بالمواضعة والمواطأة على أن يكون هذا اللفظ علامةً لهذا المعنى.
  وقال الشيخ أبو القاسم وابن فورك(٢) والأشعري: بل ابتداء وضعها توقيف بتعليم الله تعالى كما قال تعالى: {وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاءَ كُلَّهَا}[البقرة: ٣١].
  وجوَّز أبو علي الأمرين، وقد بسطنا الاحتجاج في الشرح وذكرنا ما هو المختار من ذلك.
(١) في الأصل: أو الماضي. وما أثبتناه من (أ، ب).
(٢) محمد بن الحسن بن فورك الأنصاري الأصبهاني، أبو بكر: واعظ عالم بالأصول والكلام، من فقهاء الشافعية، سمع بالبصرة وبغداد، وحدث بنيسابور وبنى فيها مدرسة، وتوفي على مقربة منها (٤٠٦ هـ) فنقل إليها. (الأعلام للزركلي باختصار). ذكره في الشافي من مشاهير أهل الجبر.