عدة الأكياس في شرح الأساس لعقائد الاكياس،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

[تقسيم أفعال العباد]

صفحة 292 - الجزء 1

  الحاجة) على الله تعالى (إليه) أي: إلى ذلك العَرَض (لإحداث الأجسام) وإفنائها، والله سبحانه لا تجوز عليه الحاجة. (وإن سُلِّم) لهم ما ذكروه من المحال (فلا يُعقل عَرَض لا مَحَلَّ له)، وما لم يعقل ولم يقم عليه دليل وجب نفيه.

  فإن قيل: قد ثبت أن العالم لا في محل فيكون هذا العَرَض مثله.

  قلنا: قد ثبت بالدليل القطعي حدوثُ العالمِ وكلِّ شيءٍ سوى الله سبحانه وكان الله سبحانه ولا مكان - فاستحال أن يخلق الله العالم في مكانٍ؛ إذ لو كان العالم في مكانٍ لاستحال حدوثُه ولاحتاج المكانُ إلى مكانٍ والمكانُ الآخر إلى مكانٍ وتسلسل وهو محال.

  (و) أما ما قاله أبو الهذيل من أنه يُوجِدُ الجسم أو يفنيه بقوله: «كن» أو «افْنَ» فليس على ما توهَّمَه، بل (القول) الذي ذكره الله سبحانه في الآية تمثيلٌ (عبارة عن إنشائه تعالى للمخلوق) وإحداثه له في أسرع من طرفة عينٍ من غير أن يكون هناك قولٌ مَقْوُلٌ، فعبَّر الله سبحانه وتعالى عن ذلك بما يفهمه المخاطب من امتثال أمر الآمر المطاع وحصول مراده عقيب قوله: افعل من غير تراخٍ.

[تقسيم أفعال العباد]:

  (و) أمَّا (أفعال العباد) فإنها (أفعالُ جارحةٍ) أي: أفعالٌ بجارحة، وجوارح الإنسان: أعضاؤه التي يكتسب بها، (وأفعالُ قلبٍ) وهي كالعلم والظن والمحبة والكراهة، (وهي) أي: أفعال العباد (أعراض فقط)؛ إذ هي إمَّا حركة أو سكون، أو نحوهما، كأفعال القلوب.

  ويستحيل من العباد إحداث الأجسام وبعض الأعراض، كالألوان والطعوم والروائح والحرارة، لا ابتداءً ولا توليداً، خلافاً لبشر بن المعتمر⁣(⁣١) وبعض البغدادية


(١) أبو سهل بشر بن المعتمر الهلالي من الطبقة السادسة من المعتزلة، قال أبو القاسم: وهو من أهل بغداد، وقيل: بل من أهل الكوفة ولعله كان كوفياً ثم انتقل إلى بغداد، وهو رئيس معتزلة بغداد من تلامذته ثمامة. (المنية والأمل باختصار). ذكر في الأعلام وفاته سنة ٢١٠ هـ.