عدة الأكياس في شرح الأساس لعقائد الاكياس،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

فرع: [في المقدور بين قادرين]:

صفحة 300 - الجزء 1

  الحسين البصري) من المعتزلة، (وخلافاً لبعض متأخري الزيدية) كالإمام المهدي # وغيره من الشيعة (وجمهور المعتزلة)، فقالوا: إنه محال، فلا تتعلَّق قدرة قادر بعين ما تعلقت به قدرة قادر آخر، بل إنما تتعلق بجنسه، وسواء في ذلك عندهم القادر بقدرة والقادر لا بقدرة، كالباري تعالى فلا يقدر جل وعلا عندهم على عين ما قدر عليه العبد، فيكون ذلك الفعل من العبد ومن الله تعالى مقدوراً بين قادرين فاعلين له.

  (قلنا: تحريك الجماعة نحو الخشبة حركةً واحدةً وكسرُهم نحوَ العود كسراً واحداً) في حالة واحدة (لا ينكره عاقل)، وذلك دليل واضح على ما ذهبنا إليه؛ لأنَّ الفعل - وهو التحريك والكسر - فعلٌ واحدٌ ومقدورٌ واحد بلا شك، وقد اشترك فيه جماعة، عُلم ذلك ضرورة.

  فإن قالوا: قدرة كل واحد تعلَّقت بغير ما تعلَّقت به قدرة الآخر وإن لم يتميز مقدور كل واحدٍ منهما فلكلٍّ منهم مقدور - قلنا: هذا باطل، بل تعلَّقت قدرة كل واحد منهم بعين ما تعلَّقت به قدرة الآخر، وهو تحريك الخشبة وكسر العود؛ لأنه المقدور الذي حصل بمجموع فعلهم، والتحريكُ والكسرُ شيءٌ واحدٌ لا يتبعض ولا يتجزأ، فهو مقدور واحد بين قادرين، ولا يلزم من اجتماع القُدَر وضم بعضها إلى بعض تعدُّدُ المقدور؛ إذ لا ملازمة بينهما، وذلك واضح⁣(⁣١).

  (قالوا: لو أمكن) مقدور بين قادِرَيْنِ متفقين (لصحَّ منهما مختلفين) بأن يريده أحدهما ويكرهه الآخر؛ لأنَّ مِنْ لاَزِمِ كل قادرين صحةَ اختلافِ مراديهما، (فيكون


(١) فإن قالوا: فيلزم من ذلك أن يكون فعل العبد مشتركاً بينه وبين الله تعالى؛ لأنه مقدور واحد وقد أنكرتم على المجبرة قولهم: «إن فعل العبد خلقٌ لله كسبٌ للعبد» - فالجواب والله الموفق: أنا لم نقل: إنه لا بد من كل مقدور أن يكون بين قادرين أو أكثر، وإنما قلنا: لا يمتنع في حكم العقل وقوع المقدور بين قادرين كما ذكرنا؛ لما أوضحنا من الدلالة، وقد دل العقل والسمع على أن أفعال العباد منهم خالصة، وأن الله سبحانه لم يشاركهم في فعلها، وأنه جل وعلا ابتلاهم بالتمكين من الفعل وتركه لما أعدَّ لهم من الثواب العظيم والعذاب الأليم. (ش ك).