عدة الأكياس في شرح الأساس لعقائد الاكياس،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

[كلام بعض المخالفين في الإرادة والجواب عليهم]

صفحة 308 - الجزء 1

  (توطين النفس) إن قالوا بتقدمها لا في الأزل كما هو قول بعضهم (وذلك يستلزم التجسيم)؛ لأن التوطين عَرَض يختص بالأجسام، (و) يستلزم (الجهل) أيضاً على الله تعالى؛ إذ لا يحتاج إلى التوطين على فعل المراد إلَّا مَنْ كان جاهلاًً بالمراد ويخاف الغفلة عنه وقد مَرَّ إبطالهما.

  وقالت (النجارية) من المجبرة: (بل) الله تعالى مريد (لذاته) كقولهم أيضاً في سائر الصفات «فهو لم يزل مريداً؛ لأنه لم يزل غير سَاهٍ ولا غافلٍ». قالوا: وأيضاً لو لم يكن مُريداً في الأزل لكان قد حَصَلَ مريداً بعد أن لم يكن وذلك تَغَيُّرٌ لا يجوز على الله تعالى.

  والجواب - والله الموفق -: أن نقول: قولُكم: «إنه لم يزل غير ساهٍ ولا غافلٍ» حَقٌّ، ولكن لا يلزم من ذلك أنه لم يزل مريداً، إنما يلزم من ذلك أن يكون لم يزل عالماً، فإن أردتم ذلك فهو حق.

  وقولكم: «إنه تعالى حصل مريداً بعد أن لم يكن وذلك تَغَيُّر» إن أردتم أنه اتَّصَف بصفة لم يكن متصفاً بها فهذا لا يُسمى تغيراً، ككونه خالقاً ورازقاً، وإن أردتم أن ذاته صارت غيرَ ما كانت فهو باطل، وإن أردتم أن ذاته تعالى مقتضية للإرادة كالعلة التي زعمتم فيها فهو باطل بما أبطلنا به كلام المعتزلة في الصفات.

  قال #: (قلنا) يعني في الرد على النجارية: (يلزم توطين النفس)، الذي في شرح عقائد النسفي⁣(⁣١) أن النجارية يقولون⁣(⁣٢): هو مريد بذاته؛ حيث قال: والإرادة صفة لله تعالى أزلية قائمةٌ بذاته تقتضي تخصيص المكونات بوجهٍ دون


(١) هو عمر بن محمد بن أحمد بن إسماعيل، أبو حفص النسفي، عالم بالتفسير والأدب والتاريخ، من فقهاء الحنفية، ولد بنسف سنة ٤٦١ هجري وإليها نسبته، وتوفي بسمرقند، سنة ٥٣٧ هـ، له: العقائد يعرف بعقائد النسفي، وهو غير النسفي المفسر عبدالله بن أحمد. (الأعلام للزركلي باختصار). وشرح العقائد لسعد الدين التفتازاني، كما في الأعلام أيضاً.

(٢) في الأصل و (ب): «تقول». وما أثبتناه من (أ).