عدة الأكياس في شرح الأساس لعقائد الاكياس،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

(فصل: «والله سبحانه مريد لجميع أفعاله»)

صفحة 318 - الجزء 1

  نصب القرينة المرجحة للفعل على الترك من عقل أو نقل أو علمه تعالى بِحِكْمِيَّة ذلك الفعل واشتماله على المصلحة - إرادةً له تعالى تَوَسُّعاً ومجازاً، والله أعلم.

  قالت (العدلية) جميعاً: (ولا يريد الله) جل وعلا (المعاصي، خلافاً للمجبرة) فقالوا: يريد كلَّ واقع كما سبق ذكره.

  (قلنا: إرادته) تعالى (لها صفة نقص والله يتعالى عنها).

  ثم نقول: لو كان كذلك للزم أن تكون الأمر بالواقع كالأمر لِلْمَرْمِي من شاهق بالنزول، وأن تكون الأمر بغير الواقع كالأمر بالجمع بين النقيضين والضِّدين وإيجادِ الأجسام⁣(⁣١)، وهكذا القول في النهي، وهذا يبطل الأمر والنهي والمدح والذم، ويسدُّ باب المجازاة بالثواب والعقاب، ويهدم قاعدة الشريعة والعمل عليها، ويؤدي إلى إفحام الرسل وإبطال البعثة، ذكر هذا الإمام يحيى #. وهو حقٌّ، قال: وليس العجب من البُلْهِ وأهل البلادة من المجبرة فلو سكت الجاهل ما اختلف الناس، وإنما العجب كُلُّه من أهل الفطنة والكِيَاسة⁣(⁣٢) منهم؛ حيث قالوا بهذه الأقوال الرَّدِيَّة، ودانوا بمثل هذه المذاهب المنكرة، فَتَبّاً للجبر وسُحقاً لأصحابه، وقُبحاً وتَرَحاً لأتباعه وأربابه كيف أضربوا عن التنزيه صفحاً، وطَوَوْا عن إحراز محاسنه كشحاً⁣(⁣٣)!

  وأما الأدلة النقلية فهي كثيرة:

  (قال الله تعالى: {وَمَا اللهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعِبَادِ} [غافر: ٣١]، وقال تعالى: {وَاللهُ لاَ يُحِبُّ الْفَسَادَ} [البقرة: ٢٠٥]، وقال تعالى: {وَلاَ يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ}) [الزمر: ٧]، وغير ذلك كثير، كقوله تعالى: {كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهاً}⁣[الإسراء: ٣٨]، وقوله تعالى: {سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ الله مَا أَشْرَكْنَا} إلى قوله


(١) ممن لا يقدر على إيجادها. من (ب). وفي (أ): ممن لا يقدر على الإيجاد. (صح أصل).

(٢) تمكن النفوس من استنباط ما هو أنفع. (معجم وسيط).

(٣) يقال: طوى كشحة عن الأمر أضمره وستره، وطوى عنه كشحة تركه وأعرض عنه. (معجم وسيط).