عدة الأكياس في شرح الأساس لعقائد الاكياس،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

(فصل: «والله سبحانه مريد لجميع أفعاله»)

صفحة 319 - الجزء 1

  {كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتَّى ذَاقُوا بَأْسَنَا قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلاَّ تَخْرُصُونَ}⁣[الأنعام: ١٤٨].

  (قالوا:) أي المجبرة: الله سبحانه (مالكٌ) لعباده، والمالكُ (يتصرف في مملوكه) بما شاء وكيف شاء فلا يقبُح ما أراده وفَعَلَه، قالوا: (و) قد ورد بذلك القرآن؛ حيث (قال تعالى:) {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّاً شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً (وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ) فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ}⁣[الأنعام: ١١٢] {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لآمَنَ مَنْ فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ}⁣[يونس: ٩٩].

  (قلنا: قولكم: «مالك يتصرف في مملوكه» سَبٌّ لله تعالى؛ حيث نسبتم إليه صفة النقص) وهي إرادته لفعل المقبَّحات والفساد؛ (لأنَّ من أراد من مملوكه الفساد) وظلم العباد (فقد تَحَلَّى بصفة النقص عند العقلاء) ولهذا يُسفهونه ويُصوبون من ذَمَّه وعاقبه على ذلك فكيف بذلك في حق رب العالمين؟! تعالى الله عما يقول به الملحدون علوّاً كبيراً! (و) قولكم أيضاً (رَدٌّ للآيات المتقدمة) ونحوها.

  (والآية الأولى معناها: لو شاء الله لأماتهم قبل فعل المعصية، أو سَلَبَ قُوَاهم، أو أنزل ملائكة تحبسهم) عن فعل المعاصي فلا يقدرون على فعل شيء منها، (لكنه) تعالى (خَلَّاهُم وشأنهم) أي: مكَّنهم من الفعلين وَوَكَلَهُم إلى اختيارهم؛ ليتمَّ التكليف ويَعْظُم الأجر، و (لأن أمامهم) أي: قُدَّامهم (الحساب) في يوم القيامة (ومن وراءه العقاب) كما (قال) الله (تعالى:) {وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ (إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ) ٤٢ مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لاَ يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ}⁣[إبراهيم: ٤٢، ٤٣]، وكذلك معنى الآية الأخرى وما شابهها من الآيات.