(فصل: في بيان معاني كلمات من المتشابه)
(فصل: في بيان معاني كلمات من المتشابه)
  لَمَّا أتمَّ(١) # الكلام على أهل الجبر حَسُنَ أن يذكر بعض معاني كلماتٍ من متشابه القرآن الذي ربما توهموه شبهةً في اعتقادهم الفاسد، قال الله سبحانه وتعالى: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ}[آل عمران: ٧].
  و (اعلم أن) المتشابه في القرآن كثير وكذلك في السُّنَّة، فمن ذلك:
[معاني الهدى]:
  (الْهُدَى) فإنَّه في أصل اللغة (بمعنى: الدلالة)، والإرشاد، (والدُّعَاءِ إلى الخير)، كما (قال تعالى:) {إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَى}[الليل: ١٢]، وقال تعالى: ({وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ} [فصلت: ١٧])، أي: دعوناهم إلى الخير ودَلَلْنَاهُم عليه بما ركَّبنا فيهم من العقول وإرسال الرسل والتمكين من العمل ({فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى}) - وهو الكفر - وآثروه ({عَلَى الْهُدَى}) وهو الإيمان.
  (و) قد يكون الهدى أيضاً (بمعنى زيادة البصيرة) وهي التبصر فيما يقرِّب إلى الله سبحانه، وذلك (بتنوير) في (القلب) أي: بتوفيقٍ لفعل الطاعات واجتناب المقبحات، ومحبةٍ لذلك وتأييدٍ عليه (بزيادة) منه تعالى (في العقل) الذي هو القائد إلى كل خير كما (قال) الله (تعالى: {وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى}) [محمد: ١٧]، أي: زيادة في بصائرهم بتنوير قلوبهم، (ومثله قوله تعالى: {إِنْ تَتَّقُوا الله يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَاناً}) [الأنفال: ٢٩]، (أي: تنويراً) في قلوبكم، أي: زيادة في العقول (تُفرقون به بين الحق والباطل) وتأييداً على فعل الطاعات واجتناب المقبحات، وروي عنه ÷ أنه قال: «ألا إنه مَنْ زَهِدَ في الدنيا
(١) في الأصل: لما أتم الإمام. وفي (أ، ب): كما ذكرنا.