(فصل: في بيان معاني كلمات من المتشابه)
  وقَصَّرَ فيها أمله أعطاه الله علماً(١) بغير تعلم وهدىً بغير هداية، ألا ومن رغب في الدنيا وأطال فيها أمله أعمى الله قلبه على قدر رغبته فيها».
  (و) قد يكون الهدى (بمعنى الثواب)، كما (قال تعالى:) {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ (يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الأَنْهَارُ) فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ}[يونس: ٩]، (أي: يثيبهم) ربهم بسبب إيمانهم في حال جُرِيِّ الأنهار من تحتهم، والمعنى: أنه أوصلهم إلى مطلوبهم وقضى لهم بالفوز بما أعطاهم وأكرمهم.
  ومن ذلك: قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ الله لاَ يَهْدِيهِمُ اللهُ}[النحل: ١٠٤]. كذا ذكره الإمام يحيى #، قال: ومتى جرى في كلام أصحابنا أن الهدى يُستعمل في معنى الإثابة فهو تقريب، والتحقيق: أنه بمعنى الظفر بالبُغية والفوز بالمطلوب؛ لأن غرضنا بيان معانيها اللغوية والمستعملة في لسانهم ولم(٢) يكونوا مُقرين بالمعاد الأُخْرَوِيِّ ولا قائلين بثوابٍ ولا عقاب.
(١) أول الخبر: «هَلْ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ أَنْ يُعْطِيَهُ الله عِلْماً بِغَيْرِ تَعَلُّمٍ، هَلْ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ أَنْ يُعْطِيَهُ الله هُدًى بِغَيْرِ هِدَايَةٍ، هَلْ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ أَنْ يُذْهِبَ الله عَنْهُ العَمَى وَيَجْعَلُهُ بَصِيراً؟!». وتمامه: «أَلا وَإنَّهُ سَيَكُونُ أَقْوَامٌ لاَ يَسْتَقِيمُ لَهُمُ الْمُلْكُ إِلاَّ بِالْقَتْلِ وَالتَّجَبُّرِ وَلاَ يَسْتَقِيمُ لَهُمُ الغِنَى إِلاَّ بِالبُخْلِ وَالفَخْرِ وَلاَ تَسْتَقِيمُ لَهُمُ الْمَحَبَّةُ فِي النَّاسِ إِلاَّ بِاتِّبَاعِ الْهَوَى، أَلاَ فَمَنْ أَدْرَكَ مِنْكُمْ ذَلِكَ فَصَبَرَ عَلَى الذُّلِّ وَهُوَ يَقْدِرُ عَلَى العِزِّ، وَصَبَرَ عَلَى الفَقْرِ وَهُوَ يَقْدِرُ عَلَى الغِنَى، وَصَبَر عَلَى البَغْضَةِ فِي النَّاسِ وَهُوَ يَقْدِرُ عَلَى الْمَحَبَّةِ لاَ يُرِيدُ بِذَلِكَ إلاّ وَجْهَ الله وَالدَّارَ الآخِرَةَ أَثَابَهُ الله ثَوَابَ خَمْسِينَ صِدِّيقاً». تيسير المطالب في أمالي أبي طالب رقم (٦٦٧) ص ٤٩٦.
(*) رواه الإمام أبو طالب # في الأمالي عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده عن علي # عن رسول الله ÷ من جملة خبر، والإمام أحمد بن سليمان # في حقائق المعرفة، وكذلك المرشد بالله # في الأمالي من جملة خبر آخر عن الحسن، وروى حديث الحسن أبو نعيم في الحلية، وابن أبي الدنيا في الزهد، وأخرجه السيوطي في الدر المنثور، والجامع الكبير.
(٢) في (ب): ولو لم.