(فصل): [والله تعالى عدل حكيم]
  العلماء بقبح القبائح، وأغنى الأغنياء عن كل حاجة؟! (والله سبحانه يتعالى عن ذلك) وعن كل صفة نقص.
  ثم نقول: القرآن مملوءٌ من نحو: {وَلاَ يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً}[الكهف: ٤٩]، {وَمَا كَانَ اللهُ لِيَظْلِمَهُمْ}[العنكبوت: ٤٠]، فما الظلم الذي تمدَّح الله سبحانه بنفيه عنه، أخبرونا عنه؟!
  (وأيضاً ذلك) الذي افترته المجبرة على الله سبحانه (شَكٌ في آيات الوعد والوعيد) كقوله تعالى: {وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ نُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ ...} الآية [النساء: ١٣]، وقوله تعالى: {وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا ..} الآية [النساء: ١٤]، ونحوهما، (والله تعالى يقول: {لاَ رَيْبَ فِيهِ}) [البقرة: ٢]، أي: في القرآن (فهو رَدٌّ لهذه الآية) ونحوها، ومن رَدَّ آيةً من كتاب الله تعالى كفر.
  (وقال قوم) وهم الحشوية وفرقة من المجبرة: (يُعذب الله أطفال المشركين؛ لفعل آبائهم القبائح)، قالوا: لما رُوي عن خديجة(١) ^ أنها سألت النبيء ÷ فقالت: أين أطفالي منك؟ (فقال: في الجنة. فقالت: وأين أطفالي من غيرك؟
(١) خديجة بنت خويلد بن أسد، القرشية الأسدية، أم المؤمنين، أول من آمن بالله سبحانه وصدق رسالته من الأمة بالإجماع، سيدة نساء هذه الأمة بلا خلاف، أفضل نساء النبي ÷ وأكرمهن عليه، تزوجها ÷ قبل البعثة وهو في خمس وعشرين سنة، وهي في أربعين، وهي أم أولاده ÷ إلا إبراهيم $، وبلغها جبريل # السلام عن الله ø وبشرها ببيت في الجنة لا صخب فيه ولا نصب، ولم يتزوج عليها الرسول ÷، وفضائلها لا تحصى، توفيت قبل الهجرة بثلاثة أعوام، وهي في خمس وستين، ونزل الرسول ÷ في قبرها ودفنت بالحجون، وقبرها مشهور مزور، صلوات الله وسلامه على زوجها وأخيه وعليها وعلى بنيها وبناتها وذريتهم الطاهرين إلى يوم الدين، وقد وردت أخبار كثيرة في المقارنة بينها وبين مريم ابنة عمران وفاطمة بنت محمد وآسية بنت مزاحم في سيادة نساء العالمين. وفي صحيح البخاري عن علي # رفعه: «خير نسائها مريم، وخير نسائها خديجة». قال ابن حجر في الإصابة: وقد أثنى النبي ÷ على خديجة ما لم يثن على غيرها. (لوامع الأنوار باختصار).