تنبيه:
  (قالوا) أي: قال من خالفنا في هذه المسألة: (يلزم) من ثبوت الأجلين ثبوت (آجال) كثيرة؛ إذ لا فرق بين الأجلين والثلاثة فما فوقها.
  (قلنا: لا دليل على غيرهما) أي: المسمَّى والخرم؛ (فلا يلزم) ما ذكروه، ثم وإن دل دليل على غيرهما فلا يقدح.
  وقالت (المجبرة:) القول بأن القتل خرم (يكشف عن الجهل في حق الله تعالى؛ إذ قَطَعَ القاتلُ أجلَهُ) المسمَّى الذي زعمتم أن المقتول يصله لو لم يُقتل.
  (قلنا: لا) يكشف عن الجهل في حقه تعالى؛ (لأن الله سبحانه عالم بالبقاء) أي: بقاء الحيِّ إلى أجله المسمى (وشرطِهِ) أي: شرط البقاء (وهو ترك الجناية) عليه من الجاني (و) عالم (بالقتل وشرطه) أي: شرط القتل (وهو حصول الجناية) من الجاني عليه، وعلمُهُ تعالى سابقٌ غير سائق (فلم يكشف عن الجهل في حقه تعالى إلَّا لو كان تعالى لا يعلم إلَّا البقاءَ وشرطَه فقط) دون القتلِ وشرطِهِ، (ألا ترى أن قتلَ الخضرِ الغلامَ لم يكشف عن الجهل في حقه تعالى حيث علم تعالى أنه يُرهق أبويه طغياناً وكفراً لو تركه الخضر #) ولم يقتله كما أخبر الله تعالى، فقد علم سبحانه بقاءَ الغلام وشرطَهُ - وهو عدم قتل الخضر له - وعَلِمَ قتلَهُ وشرطَهُ - وهو وقوع القتل عليه من الخضر # - فلم يجهل الله سبحانه أيَّ الأمرين.
  (قالوا) أي: المجبرة: (قال الله تعالى: {قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ}) [آل عمران: ١٥٤]، وفي هذا دليل على أن الأجل واحد وأن المقتول لو لم يُقتل لمات قطعاً، والضمير في «كنتم» راجع إلى المؤمنين.
  (قلنا:) ليس كما زعمتم، بل (معنى الآية) الكريمة (الشهادة للقتلى - رحمهم الله تعالى - بصدق إيمانهم) ورسوخ أقدامهم في الدِّين (وبامتثالهم لأمر الله) وأمرِ رسولِهِ ÷ وتوطين أنفسهم على الصبر على تأدية جميع فرائض الله. والضمير في «كنتم» راجع إلى المنافقين، (أي: لو كنتم أيها المنافقون في بيوتكم متخلفين) عن أمر رسول الله ÷ (وعن الحرب مُثَبِّطين) من