[الخلاف في كيفية فناء العالم]
  الملاحمي وإن لم يقل بعدم الأجسام، ذكره شارح(١) الأبيات الفخرية.
  وقال جمهور المعتزلة: إن المؤثر في الإعدام طروء ضدٍّ للأجسام يسمى الفناء، ولا محل له.
  وقال بعض الأشعرية وبعض المعتزلة: بل إنما كانت الأجسام باقيةً ببقاءٍ قائمٍ فيها، وذلك البقاء غير باقٍ، بل يخلقه الله تعالى حالاً بعد حالٍ، فإذا لم يخلق الله ذلك عدمت الجواهر.
  وبعضهم قال: إن الجواهر باقية ببقاءٍ لا في محل، وهو يحكى عن بشر بن المعتمر.
  ومنهم من قال غير ذلك، ولا حاجة إلى الاشتغال بذكر هذه الأقوال الباطلة التي لا دليل عليها من عقل ولا سمع.
  قال الإمام يحيى #: وتوقف بعض المتكلمين من المعتزلة والجويني من الأشعرية في صحة إعدام الأجسام وفي إنكارها.
  قلت: وقد بسطت في هذا الموضع من أقوالهم وغيرها في الشرح، وظاهر كلام القاسم والهادي والمرتضى $ أن فناء العالم هو تبديده وتمزيقه وتركيبه على غير هيئته التي كان عليها، لا أنه يعدم وإن كان ذلك جائزاً من جهة العقل؛ لأن الله على كل شيء قدير، وقد نقلت أقوالهم بلفظها في الشرح.
  والحق أن إعدام الأجسام وتصييرها عدماً محضاً جائزٌ صحيح من جهة الفاعل المختار وهو الله رب العالمين، ولا استحالة فيه كما زعمه الجاحظ ومن معه، ولا يلزم منه محذور ولا جور كما سبق تقريره. وأما وقوع ذلك فموكول إلى دليل السمع فما صح منه فهو المتبع، والله أعلم.
(١) الأبيات الفخرية للإمام الواثق بالله المطهر بن محمد بن المطهر وشارحها السيد الإمام محمد بن يحيى القاسمي باللآلئ الدرية كتاب حافل عظيم. (لوامع الأنوار).