[وجه حسن فناء العالم]
[وجه حسن فناء العالم]:
  (ووجه حسنه) أي: حسن فناء العالم (التفريق) أي: التفرقة (بين دار الامتحان) وهي دار الدنيا (ودار الجزاء) وهي الدار الآخرة؛ لأن دار الدنيا دارُ تكليفٍ وعملٍ وامتحانٍ، ودار الجزاء هي دار المجازاة بالثواب والعقاب ولا تكليف فيها، فهما كالمتضادين؛ فلا بُدَّ من التفرقة بينهما.
  (فإن قيل: لِمَ لَمْ يكن الجزاء) من الله سبحانه بالثواب والعقاب (في الدنيا) مع عدم فنائها؟
  قال #: (قلت - وبالله التوفيق -: لِعلم الله تعالى أن أكثر العصاة لا يُوقنون به) أي: بالجزاء حينئذٍ أو بالله (تعالى) وإن ظهرت الأدلة عليه تعالى؛ لِعنادهم وإهمالهم، (فلو أنه تعالى عاقبهم) في دار الدنيا (من غير) فنائها وغير (خلق ما يعلمون به ضرورةً) أي: بضرورة العقل (أن ذلك) الذي لحقهم - و «أنَّ» مَعْمُولَةٌ لـ «يعلمون» - (عقوبةٌ) منه تعالى لهم على عصيانهم - (لم يعرفوا كون ذلك) العقاب الواصل إليهم في الدنيا (عقوبةً) وجزاءً لهم على عصيانهم (وإنما يعدونه) أي: ذلك العقاب في الدنيا (من نكبات الدهر) التي صارت تصيب غيرهم (كما يزعمون) ذلك ويتحدثون به في الماضين والباقين، وينكرون كونه عقوبة من الله تعالى لهم على عصيانهم، وهذا في حق العصاة.
  (و) كذلك (أن أكثر الْمُمتحنين لو جُوْزُوا) في دار الدنيا (مع عدم مثل ذلك) أي: مع عدم خلق ما يعلمون به ضرورةً أن الواصل إليهم جزاءٌ (لم يعلموا ضرورة أن الواصل إليهم جزاءٌ) من الله سبحانه على أعمالهم الصالحة وعوضٌ عن امتحانهم، (بل) ربما (يحصل التجويز) منهم (أنه من سائر التَّفَضُّلات) المبتدأات من الله تعالى عليهم في دار الدنيا.
  (و) أيضاً لو وقع الجزاء (مع عدم كشف الغطاء) أي: مع عدم اضطرارهم إلى معرفته تعالى ومعرفة كونه جزاءً (بخلق ذلك) أي: بخلق ما يعلمون به ضرورة أن