عدة الأكياس في شرح الأساس لعقائد الاكياس،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

(فصل): [والتكسب جائز]

صفحة 395 - الجزء 1

  والمنذور به. والوجه أن الله سبحانه قد ملَّك عبده ما حازه وقبضه من الرزق بأي أنواع التمليكات، فإذا أذِنَ ذلك العبد لغيره وأباح له التَّصَرُّف فيه سُمِّيَ رازقاً مجازاً، (خلافاً للمجبرة) فقالوا: لا يصح إضافة الرزق إلى العباد رأساً؛ لأن الأفعال كلها عندهم من الله تعالى.

  (لنا قوله تعالى: {فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ}) [النساء: ٨].

  قلت: والعمدة استقراءُ اللغة، فإن كان الرازق في اللغة هو خالق الرزق كان إطلاقه على نحو الواهب مجازاً، وإن كان الرازق في اللغة هو معطي الرزق كان إطلاقه عليه حقيقةً، والله أعلم. وأما المجبرة فبنوا على قاعدتهم المُنْهَدَّة.

(فصل): [والتكسب جائز]

  (والتَّكَسُّب) أي: السعي في طلب الرزق بالتجارة والإجارة ونحو ذلك (جائز)، بل قد يكون واجباً إمَّا لنفقة طفل أو زوجة أو أبوين، وقد يكون مندوباً، ومباحاً، ومكروهاً، ومحظوراً.

  وقالت (الحشوية و) مثل قولهم (تدليس الصوفية) أي: القول الذي تظهره الصوفية للتدليس على أغمار الناس: (لا يجوز) التكسب؛ (لمنافاته التوكلَ) الذي أُمرنا به، ولأنه لا يأمن الكاسب أن يَغْصِبَ عليه ما كسبه ظالمٌ فيتقوى به على ظلمه، ولأنه قد اختلطت الأموال والتبس الحلال بالحرام.

  (و) أمَّا (تحقيق مذهب الصوفية) فليس لأجل ذلك، (بل لأن إباحته) أي: إباحة الرزق (أغنته عن المشقة) في طلب الرزق؛ لأنهم يقولون: إن الأموال مباحة.

  (قلنا) ردَّاً عليهم: (التكسب لم يُنَافِ التوكل)؛ لأنَّ الزَّراع يُلقي بذره في الأرض متوكلاً على الله سبحانه في إنباته وسقيه وسلامته من الآفات. ثم أهل السفر في البر والبحر يقطعون القفار ويخوضون البحار ابتغاء فضل الله متوكلين عليه في سلامتهم وصرف العوائق عنهم وحصول الربح لهم، (سِيَّمَا مع المخاطرة به) أي: بالرزق