عدة الأكياس في شرح الأساس لعقائد الاكياس،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

(فصل:) في الأسعار

صفحة 397 - الجزء 1

  (و) قد يكون الغلاء والرخص (بسبب من الخلق) وذلك (حيث جلب التجار من موضع خصب إلى أخصب منه)، وذلك (في الرخص، وحيث تغلَّب بعض الظلمة على أكثر الحبوب ونحوها) من الثمار وغيرها (ومنعها) عن الناس (في الغلاء).

  والغلاءُ مأخوذ من الغُلُوِّ، وهو تجاوز الحدِّ. والرُّخص مأخوذ من الرِّخْصِ، وهو اللِّينُ، يقال: كَفٌّ رِخْصُ البنان، إذا كانت ليِّنة اللَّمس.

  وقالت (الحشوية والمجبرة: بل الكل) من أسباب الغلاء والرخص (من الله تعالى) بناءً على أن كل كائن في السماوات والأرض منه، جل وعلا عن ذلك.

  (قلنا) ردّاً عليهم: (ورد النهي) من الشارع (عن الاحتكار(⁣١)) للقُوتين من نحو قوله ÷: «من احتكر طعاماً أربعين يوماً فقد بريء من الله ø وبريء الله تعالى منه»⁣(⁣٢).

  (و) كذلك ورد النهي (عن بيع الحاضر للبادي)، نحو قوله ÷: «لا يبيعنَّ حاضرٌ لبادٍ، دَعُوا الناس يرزق الله بعضهم من بعض»⁣(⁣٣)؛ وما ذاك إلا (لأجل ذلك) أي: لأجل كون الاحتكار وبيع الحاضر للباد سبباً في الغلاء والاحتكار.

  وبيعُ الحاضر للباد فعلُ العبادِ، ولأجل ذلك جاز التَّسعير في القُوتين وغيرهما؛ لقول علي # في عهده للأشتر حين ولَّاه مصر: (ولْيَكُنِ الْبَيْعُ بَيْعاً سَمْحاً بِمَوَازِينِ عَدْلٍ وأَسْعَارٍ لَا تُجْحِفُ بِالْفَرِيقَيْنِ مِنَ الْبَائِعِ والْمُبْتَاعِ).


(١) الاحتكار: الاحتباس، واحتكر احتبس انتظر لغلاه. (قاموس). وفي الشرع احتكار قوت الآدمي والبهيمة الفاضل عن كفايته ومن يمون إلى الغلة مع الحاجة وعدمه إلا مع مثله. (شرح أزهار).

(٢) رواه المؤيد بالله # في شرح التجريد، والإمام أحمد بن سليمان # في أصول الأحكام، ومحمد بن منصور في أمالي الإمام أحمد بن عيسى #، والأمير الحسين # في الشفاء، والحاكم في المستدرك، وأحمد في مسنده، وابن أبي شيبة في المصنف، وأبو يعلى في مسنده وغيرهم.

(٣) رواه الإمام الأعظم زيد بن علي # في مجموعه. ورواه النسائي في سننه، وأحمد بن حنبل في مسنده، وابن حبان في صحيحه، وابن أبي شيبة في مصنفه، وغيرهم.