(فصل:) [الحق في الأصول وفي القطعي من الفروع واحد]
  (وذهب الجاحظ) وهو عمرو بن بحر (وأبو مضر) وهو شريح بن المؤيد (والرازي) وهو صاحب مفاتح(١) الغيب (إلى أنه معفوٌّ عن المخالف) للحق (الغير المعاند مطلقاً) أي: أطلقوا ولم يفصلوا بين المخالف لما عُلِمَ من ضرورة الدين وبين المخالف في غيره.
  قال #: (والحق أن المخطئ إن عاند) أي: خالف الحق تعمداً بعد وضوح الدليل على الحق (فهو آثم) مطلقاً (كافرٌ إن خالف ما عُلِمَ من الدين ضرورة) كمنكر أصول الشرائع أو بعضها، ومنكر معجزة الأنبياء ونحو ذلك؛ (لأنه تكذيب لله ولرسوله ÷)، وَمَنْ كَذَّبَ الله ورسولَه كَفَرَ إجماعاً، ولأن المعاند قد أوضح الله له الدلالة فلم يقبلها.
  وإن لم يخالف ما عُلِمَ من ضرورة الدين فهو فاسق لعناده، بتعمُّد مخالفة الحق، كمخالف أحد الإجماعين عمداً أو نحو ذلك.
  (وإن لم يعاند) ولكن أخطأ بعد النظر والاجتهاد (وكان خَطَؤُه مؤدِّياً إلى الجهل بالله تعالى أو إنكار رسله في جميع ما بلَّغوه عن الله سبحانه) أو بعضه أو إنكار ما عُلِمَ من ضرورة الدين (فهو آثم كافر أيضاً)؛ لأنه في الحقيقة كالمعاند؛ لأن الله سبحانه عدل حكيم وقد كَلَّفه معرفته جل وعلا ومعرفة رسله، فلا بُدَّ أن يجعل له إليها طريقاً لا تخفى، وإلَّا كان تكليفاً لما لا يُطاق، فدعواه الاجتهاد والجهل لا تُسمع، و (لأن المجسم يعبد غير الله ويعتقد أن التأثير) في خلق السماوات والأرض وغيرهما (لذلك الغير) الذي هو جسم (كالوثنية) وهم عُبَّاد الأوثان (والمنجمة) وهم الذين يجعلون التأثير للنجوم (والطبايعيَّة) الذين يجعلون التأثير للطبع (ولا خلاف في كفرهم) أي: هذه الفرق المذكورة (مع نظرهم) واجتهادهم الرَّدِي، فهم مع ذلك معاندون.
(١) في (ب): مفاتيح.