[ذكر بعض الأحاديث الدالة على إمامة علي #]
  وقوله: فعدت تمَّ الكلام كأنه قال: فَعَدَتْ هذه البقرة وقطع الكلام ثم ابتدأ فكأنه قال: تحسب أنَّ كلا الفرجين مولى المخافة. كذا ذكره في الصحاح.
  وإذا عرفت ذلك (فهو) أي: الخبر المتقدم (مفيد لمعنى الإمامة على قواعد كل مذهب، أما على قاعدة أئمتنا $ والجمهور) من وجوب حمل المشترك على جميع معانيه (فكما مرَّ) ذكره في كلمة «وَلي».
  فنقول: المرادُ بالمولى هنا: مالكُ التصرُّف والمُودُّ والناصر والأَوْلَى بالشيء، ويمتنع أن يُراد هنا ابنُ العم أو الجارُ أو المُعتِق أو المُعُتَق؛ لاستحالة ذلك عقلاً وشرعاً.
  (وأما على قاعدة غيرهم) أي: غير أئمتنا $ والجمهور (فقد أجمعوا على أن المشترك يُحمل على أحد معانيه إن دلَّت عليه) أي: على ذلك المعنى (قرينة)، (ومعنى الإمامة) هنا (قد دلَّت عليه قرينةٌ لفظية) وهي (قوله ÷) في أوله: «ألستُ أولى بكم من أنفسكم» فإنه صريح في ملك أمرهم والتصرُّف عليهم، وإذا كان كذلك كان المناسب [له(١)] أن يكون المراد بلفظ مَوْلَى المالك للتصرُّف والأَوْلَى به؛ إذ لو أُريد خلاف ذلك لما تناسب الكلام، (و) كذلك (قوله ÷: «لا أمر لكم معي»، وقوله في آخره: «وانصر من نصره واخذل من خذله») [فإنه](٢) قرينة أُخرى مُؤَكِّدة لمعنى الإمامة؛ لأنَّ النبي ÷ حَثَّ على نُصرته وحَذَّر من خذلانه، وذلك أوضح دليل على أن النبي ÷ أراد إمامته واستخلافه على أُمته بعده.
  ومما يؤكد ذلك أيضاً القرينة الحالية، وهي تعظيم النبي ÷ للموقف الذي جمع الناس له، وأمْرُه للمنادي أن يُنادي: الصلاة جامعة، في غير وقت التعريس في شدَّة الحر في موضع شديد الحر ولم يزدهم في ذلك الجمع العظيم والموقف الكبير على الخطبة وإثبات ولاية علي #.
(١) ساقط من (أ).
(٢) في (أ): فإنها.