[ذكر محل العقل وماهيته والخلاف في ذلك]
  بطبع المحل، وهم فِرَقٌ: فبعضهم يقول: إن الله تعالى يُحْدِثُ ذلك بطبع المحل، وبعضهم قال: هذا المحل هيَّأه الله بهذه الصفة، والفعلُ يرجع إلى طبع المحل، كما أنه إذا أَقْدَرَ زيداً فالفعل لزيدٍ، وبعضهم اعتقد قِدَم الأجسام وأنكر الاختراع، ثم وجدوا حوادث في الأجسام لم يمكنهم دفعها، واعتقدوا أنه لا بد من أمرٍ ولم يمكنهم إضافتُها إلينا فأضافوا ذلك إلى علةٍ موجبةٍ.
  فمنهم من قال: هي: الحرارة والرطوبة واليبوسة والبرودة. ومنهم من قال: النار والهواء والماء والأرض. ومنهم من زاد خامساً، وهو الفضاء الذي تتحرك الأشياء فيه. ومنهم من قال: الطبيعة الخامسة يختص بها الفلك، وغير ذلك.
  (لنا) حجة على مخالفينا (زواله) أي: العقل (عند نحو النوم) كالسُّكْر والإغماء (وعودُهُ) أي: عود العقل (عند النقيض) وهو نحو اليقظة كالصحو، (فلو كان العقل القلب) كما زعمت المطرفية (أو جوهراً) بسيطاً أو لطيفاً كما زعمت الفلاسفة - (لم يزل) عند نحو النوم؛ لأن القلب باقٍ بلا خلاف، وكذلك الجوهر على زعمهم باقٍ على حد بقاء الجسم.
  (والطبيعة) التي زعمت الطبائعية أنها العقل (إن أرادوا بها العَرَضَ فكقولنا) فيكون الخلاف لفظياً، (وإلا فلا تحقق لها) وما لا يتحقق فهو باطل.
[ذكر محل العقل وماهيته والخلاف في ذلك]
  قال (أئمتنا $ والمعتزلة: ومحله) أي: العقل (القلب).
  وقالت (الفلاسفة: بل محله الدماغ).
  (قلنا: لا دليل عليه) أي: على محله (إلَّا) من الكتاب(١)، نحو (قوله تعالى: {أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا ..} الآية) [الحج: ٤٦]، فدلت على أن القلوب محل العقول، وقول مخالفينا لا دليل عليه، (وقد صح) - أي: القرآن - فيصح الاستدلال به، (بما يأتي إن شاء الله تعالى) في كتاب النبوءات من أن
(١) في (أ، ب): السمع.