[ذكر محل العقل وماهيته والخلاف في ذلك]
  القرآن كلام الله الذي لا ريب فيه.
  (قالوا) أي: الفلاسفة (كَيُّ دماغِ مُتَغَيِّرِ العقل وصلاحهُ) أي: صلاح العقل (به) أي: بالكي(١) (دليلُ كونِهِ فيه) أي: في الدماغ.
  (قلنا) في الرد عليهم: (له) أي: للعقل (من الدماغ مادة) أي: استمداد وإذا(٢) فسد الدماغ بطل الاستمداد(٣)، (فالكي) للدماغ (لإصلاحها) أي: المادة، (ككي باطن العقب) أي: عقب القدم (لبعض أوجاع البطن)، فإنه عُلِم بالخبرة أنَّ كي باطن العقب يزول به بعض أوجاع البطن، (وكاللِّحْيَةِ) فإنَّ (لها مادةً من الذَّكَرِ) أي: من المذاكير. وقال الإمام المنصور بالله(٤) عبد الله بن حمزة #: إنَّ مادتها من الأُنثَيَيْن؛ ولذلك مَنْ جُبَّ مذاكيره لم تنبت له لحية، وإن وقع الجَبُّ بعد نبات اللحية تساقطت وضعُفت.
  قال (جمهور(٥) أئمتنا $: والعقل معنىً غير الضرورية)؛ إذ هو عَرَضٌ تُعرف به الضرورية وغيرها كما سبق ذكره.
(١) أي: اللذع بالنار. (ش ك).
(٢) في (ب): فإذا.
(٣) فيضعف العقل. (ش ك).
(٤) هو الإمام المنصور بالله أبو محمد عبدالله بن حمزة بن سليمان بن حمزة بن علي بن حمزة بن الإمام النفس الزكية الحسن بن عبدالرحمن بن يحيى بن عبدالله بن الحسين بن القاسم بن إبراهيم عليهم أفضل السلام. دعا سنة أربع وتسعين وخمسمائة، ولم يزل خافضاً بحسامه وجوه المعتدين، رافعاً ببيانه فرائض رب العالمين، حتى قبضه الله إليه في المحرم سنة أربع عشرة وستمائة، عمره اثنتان وخمسون سنة وثمانية أشهر، واثنتان وعشرون ليلة. مشهده بظفار. من مؤلفاته: كتاب الشافي أربعة أجزاء، أحاط فيه بأنواع العلوم وهو أعرف من أن يوصف، ومنها الرسالة الناصحة وشرحها، وغيرها من المؤلفات الجليلة ومدة إمامته تسعة عشر عاماً وتسعة أشهر وعشرون يوماً. (التحف باختصار). وفي مقدمة الشافي: قد كان اجتمع في مقامه من العلماء خاصة نحو أربعمائة عالم فناظروه في جميع العلوم حتى إن عالماً منهم سأله عن خمسة آلاف مسألة فأجاب عنها بأحسن جواب.
(٥) الجمهور المراد به الأكثر. (ش ك).