(فصل:) [في بيان من هي أفضل نساء النبي ÷]
  قال العنسي: والرواية متظاهرة بأنها في اليوم الرابع من النذر لمَّا دخلت مصلاها وصَلَّت ودعت سمعت حَشْحَشَةً فإذا بجفنةٍ فيها ثريد ولحم وزعفران، ولما قربت إلى رسول الله ÷ سجد وقال: «الحمد لله الذي جعل ابنتي شبيهة مريم بنت عمران يُنْزِلُ عليها رزقها في المحراب»(١)، وغير ذلك.
  وأما ما ذكره المخالف من كون عائشة أحب أزواج النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ إليه فالمحبة للزوجة لا تدل على أفضليتها؛ لجواز أن يكون ذلك من الطباع البشرية، لا سِيَّما ما رُوي من قوله ÷: «إيَّاك أن تكونيها يا حُميراء»(٢)، وكذلك خروجها على علي # يوم الجمل.
  وأما الآيات النازلة في براءتها من الإفك فذلك تنزيه لرسول الله ÷ ولا فضيلة في ذلك تزيد على غيرها من المؤمنات؛ لأن مضمونها أنها بريئة من
(١) رواه الإمام الحسن بن بدر الدين # في أنوار اليقين.
(٢) رواه في نهج البلاغة لابن أبي الحديد، وروى نحوه الحاكم في المستدرك عن أم سلمة بلفظ: «انظري يا حميراء ألا تكوني أنت» من جملة ثلاثة أحاديث ثم قال: كلها صحيحة على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي، ورواه البيهقي في الدلائل بهذا اللفظ، ورواه نعيم بن حماد في الفتن بلفظ: «إياك يا حميراء»، وأخرجه الهندي في كنز العمال ثم قال: نعيم بن حماد في الفتن، وسنده صحيح، ورواه ابن عساكر في الأربعين بلفظ: «انظري يا حميراء ألا تكوني أنت»، ورواه كذلك في المحاسن والمساوئ، ورواه ابن قتيبة في الإمامة والسياسة عن عائشة بلفظ: «وإياك أن تكوني أنت يا حميراء»، وفي هذا المقام حديث: «تنبحها كلاب الحوأب» أخرجه أحمد بن حنبل في مسنده عن عائشة عندما بلغت ماء الحوأب بطريقين، والحاكم في المستدرك، والبيهقي في دلائل النبوة، وأبو يعلى في مسنده وقال: إسناده صحيح، وابن حبان في صحيحه، وإسحاق بن راهويه في مسنده، وابن أبي شيبة في مصنفه، والهيثمي في مجمع الزوائد، وقال: رواه أحمد وأبو يعلى والبزار، ورجال أحمد رجال الصحيح، وعن ابن عباس قال: قال رسول الله ÷ لنسائه: «ليت شعري أيتكن صاحبة الجمل الأدبب تخرج فينبحها كلاب الحوأب ... إلخ» ثم قال: رواه البزار ورجاله ثقات. انتهى، ورواه نعيم بن حماد في الفتن، والطبري في تاريخه، وابن عدي في الكامل، وابن حجر في الإصابة، والذهبي في تذكرة الحفاظ، وأخرجه في البداية والنهاية لابن كثير، وابن الأثير في الكامل، واليعقوبي في تاريخه، والطبراني في الأوسط.