عدة الأكياس في شرح الأساس لعقائد الاكياس،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

(باب) [الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر]

صفحة 270 - الجزء 2

  واختُلف في الدليل عليه هل من السمع والعقل معاً أو من السمع؟ فعند الجمهور أنه من السمع فقط.

  وقال أبو علي: يدل العقل عليه أيضاً؛ لأن العلم بقبح الفعل يتبعه وجوب المنع منه جبراً، ولأن الإنسان يجد من نفسه أنه لو رأى رجلاً يُقَطِّعُ صَبِيَّاً ويُعَذِّبه بأنواع العذاب وعنده رجل كامل العقل ينظر إليه ولا ينهاه أن ذلك ظلم يستقبحه العقل كما يستقبح فعل الرجل بالصبي، ولأنه لو لم يجب عقلاً وجاز ترك النكير مع التمكن منه لجاز الرضاءُ به والرضاءُ بالقبيح قبيح.

  ولأنه كما يجب أن يمتنع هو يجب أن يمنع غيره، وللاتفاق على وجوب كراهة القبيح، وقد أُجيب عنها بجوابات قد ذكرتها في الشرح.

  وإنما يجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر (متى تكاملت شروطهما وهي: التكليف) أي: كون الآمر الناهي بالغاً عاقلاً؛ لرفع القلم عن الصبي والمجنون.

  (والقدرة عليهما) أي: لا يكون عاجزاً، (والعلم) من الآمر الناهي (بكون ما أمر به معروفاً وما نهى عنه منكراً؛ لأنه إن لم يعلم ذلك لم يُؤْمَنْ أن يأمر بالمنكر وينهى عن المعروف) وذلك لا يجوز؛ إذ الإقدام على ما لا يؤمن قُبحه قبيح.

  فإن قلت: كيف يُشْتَرَطُ العلم مع أنه قد يجب عليه ذلك في الاجتهاديات وهي لا تُفيد إلَّا الظن؟

  قلنا: إن الاجتهاديات يدخلها العلم، وذلك وإن كان مظنوناً للمجتهد فإنه يجب عليه قطعاً العمل به، وإذا وجب عليه العمل به قطعاً وجب الأمر به والنهي عنه كذلك، هكذا ذكروه وهو حق، والله أعلم.

  (وظن التأثير) أي: يظن الآمر الناهي أنَّ لأمره ونهيه تأثيراً في وقوع المعروف وإزالة المنكر، وذلك (حيث كان المأمور والمنهي عارفين بأن المأمور به معروف، والمنهي عنه منكر، وإلَّا) أي: وإن لم يكونا عارفين بذلك (وجب