(فصل:) [ويصير المكلف كافرا بخصلة واحدة من خصال الكفر]
  الإسلام فهو مُسَلَّمٌ، فهل أجمعوا على أن غيره لا يُسَمَّى منافقاً؟ والمعلوم أنه لم يحدث المنع من تسمية مرتكب الكبيرة منافقاً إلَّا واصلُ بن عطاء وعمرو بن عُبيدٍ ومن تبعهما من وقت المراجعة التي وقعت بينهما وبين الحسن البصري.
  ومما احتجَّ به الناصر # في ذلك من السنة قوله ÷: «أكثر منافقي أمتي قراؤها»(١)، وقوله ÷: «ثلاثٌ مَنْ كُنَّ فيه فهو منافق وإنْ صَلَّى وصام وحج واعتمر وزعم أنه مسلم: من إذا حَدَّث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان، ذئب بالليل وذئب بالنهار»(٢)، وقوله ÷: «أربعٌ من كُنَّ فيه فهو منافق حقًّا ومن كان فيه خصلة منها ففيه خصلة من النفاق حتى يتوب أو يدعها: من إذا حَدَّث كذب، وإذا اؤتُمن خان، وإذا خاصم فجر، وإذا عاهد خان»(٣)، وغير ذلك كثير قد أودعتُ الشرح قسطاً منه.
  وقال (ابن الحاجب: صاحب الشاذَّة من القراءة كافر) أي: كفر جحود؛ لأنه قد أثبت من القرآن ما ليس فيه(٤) أو نَقَّص ما هو منه.
  (قلنا:) لا يجوز تكفيره؛ لجواز أن يكون (سمعها خبراً فتوهمها قرآناً) وحينئذٍ لم يتعمد زيادةً في القرآن ولا نقصاناً (والله تعالى يقول: {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ
(١) أخرجه في البساط وأخرجه محمد بن منصور المرادي في كتاب الذكر، ورواه البغوي في شرح السنة والبيهقي في شعب الإيمان، وابن أبي شيبة في مصنفه، والطبراني في الكبير، وأحمد بن حنبل في مسنده، والخطيب في تاريخ بغداد، وصححه الألباني في مصابيح التنوير.
(٢) رواه الإمام الناصر # في البساط عن أنس، ورواه الموفق بالله # في سلوة العارفين عن أبي هريرة بدون: «ذئب ... إلخ»، وكذلك أحمد بن حنبل في مسنده، والبيهقي في سننه، والبغوي في شرح السنة، وأبو نعيم في الحلية، وابن حبان في صحيحه عن الحسن، وأبي هريرة، ورواه أبو يعلى في مسنده عن أنس، ورواه البزار في مسنده عن عبدالله بن مسعود وغيرهم.
(٣) رواه الإمام الناصر # في البساط، ورواه الموفق بالله # في كتاب الاعتبار، ورواه البخاري في صحيحه عن عبدالله بن عمرو، وكذلك مسلم في صحيحه، والترمذي في سننه وصححه، وأبو داود في سننه، والنسائي في سننه، وابن حبان في صحيحه، وأحمد في مسنده، وغيرهم كثير.
(٤) في الأصل و (ب): منه. وما أثبتناه من (أ).