(فصل:) [ويصير المكلف كافرا بخصلة واحدة من خصال الكفر]
  واجب كان عقلياً أو شرعياً، وقوله: «لا فاعل أي كبيرة» على(١) الإطلاق أيضاً ولم أقف على ذلك لهم، ولعله # قد وقف عليه؛ لأن لهم أقوالاً كثيرة ضعيفة باطلة نتجت بالخرص والتَوَهُّم ووسواس الشيطان.
  (لنا ما مَرَّ) في فصل الإيمان من الحجج الواضحة في معنى الإيمان وعدم الفرق بين الواجب العقلي والشرعي، وبين الترك المحرم والفعل المحرم.
  قال عبد الله (بن العباس و) جعفر (الصادق والقاسم والهادي والناصر) الأطروش (و) الإمام (أحمد بن سليمان $ وقد رُوي أنه إجماع قدماء العترة $ والشيعة: ويُسَمَّى) مرتكب الكبيرة عمداً الغير المخرجة من الملة (كافر نعمة)؛ لأن الطاعات شكر لله تعالى، فمن تركها أو بعضها فقد كفر نعمة الله، (خلافاً للجمهور) من المعتزلة وغيرهم، فإنهم قالوا: لا يُسَمَّى كافر نعمة؛ لأن الطاعات عندهم ليست شكراً، والفسق لا يُنَافي الشكر عندهم.
  (قلنا) في الردِّ عليهم: (هو) أي: الكفر (معناه) أي: معنى مرتكب الكبيرة أي: ارتكاب الكبيرة كفر (عُرْفاً) أي: في عرف أهل اللغة؛ لأن الكفر في عُرف اللغة الإخلال بالشكر كما سبق ذكره، ومرتكب الكبيرة مُخِلٌ بالشكر؛ (لأن الطاعات شكر لله) تعالى في مقابلة الملك والنعمة (كما مَرَّ) في كتاب النبوءات، (ولقوله تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حَجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَنْ كَفَرَ})، أي: ومن ترك الحج {فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ}[آل عمران ٩٧]، (فَسَمَّى ترك الحج كفراً).
  وكذلك قوله تعالى: {وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ}[التوبة ٤٩]، وقوله تعالى: {الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَيَكْتُمُونَ مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا}[النساء ٣٧]، وقوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ} ... إلى قوله: {وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ}[المجادلة ٢ - ٤] وغير ذلك كثير.
(١) «على» مثبت من (أ).