(فصل): [في ذكر الإكفار والتفسيق]
  وقوله ÷: «كل نسمة تولد على الفطرة حتى يُعْرِبَ عنها لسانها».
  وهذه أدلة معلومة، ولا يجوز الانتقال عن المعلوم من الأُصول إلَّا بقاطع، وإلا كان تركاً للمعلوم إلى مظنون وهو لا يجوز؛ ولهذا لا يجوز نسخ المعلوم بالمظنون.
  قال الإمام المهدي #: وجملة الأمر أن الطريق السمعي ليس إلَّا أحد ثلاثة أشياء: إمَّا نصًّا جليًّا متواتراً، كقوله تعالى: {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاَثَةٍ}[المائدة ٧٣].
  أو في حكم النص، وهو الذي عُلِمَ من دينه ضرورة، كما عُلِمَ من دينه أن تكذيبه كفر ونحو ذلك.
  وإمَّا إجماعاً معلوماً، وإمَّا قياساً قطعياً معلوماً أصله وفرعه وعِلَّته بدليل قاطع أو ضرورة.
  فالأول متفق على جواز التكفير به، والآخران مختلف فيهما.
  أمَّا الإجماع فالخلاف فيه لمن جعل الدليل على كونه حجة ظنياً لا قطعياً، وكذلك إجماع العترة $ وخبر المعصوم.
  وأما القياس والاعتبار فنوعان:
  أحدهما: يصح الاستدلال به على الإكفار والتفسيق بلا خلاف، وذلك حيث عَلِمْنَا ذنبين أحدهما أعظم من الآخر، وعلمنا أن الأصغر كفر؛ فإنَّا نعلم أنَّ الأعظم كذلك، وهذه هي دلالة الفحوى، وكذلك حيث علمنا بدلالة سمعية في ذنبين أنهما مستويان في العقاب، وعلمنا أن أحدهما كفر؛ فإنَّا نعلم أنَّ الآخر كفر، فهذا النوع لا خلاف في صحة الإكفار به.
  والنوع الثاني: مُختلف فيه، وذلك حيث نعلم في ذنب أنه كفر أو فسق بدليل سمعي، ثم نستنبط العلة المُوجبة لكونه كفراً أو فسقاً استنباطاً لا بنص ولا إجماع، ثم نعمد إلى ذنب آخر لا نعلم قدر عقابه فنُلحقه بذلك الذنب؛ لحصول