عدة الأكياس في شرح الأساس لعقائد الاكياس،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

[أسباب الكفر وأنواعه]

صفحة 332 - الجزء 2

  وحجتهم: قول النبي ÷ لأسامة: «هلَّا شققت على قلبه»⁣(⁣١).

  قلنا: الإجماع على أن الجهل بالله تعالى كفر، والجهل به تعالى من أفعال القلوب.

  قال: وقالت الأشعرية: إنما يقع الكفر بفعل القلب، لا بأفعال الجوارح. وقالوا: الكفر هو التكذيب النفسي، كما أن الإيمان عندهم هو التصديق النفسي، واحتجوا بقوله تعالى: {وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا}.

  قلنا: عبادة الصنم كفر وليست من فعل القلب. لا يُقال: إن العبادة لم تكن كفراً إلَّا لكشفها عن اعتقاد إلاهيته؛ لأنَّا نقول: بل هي كفر وإنْ لم يعتقد إلاهيته؛ إذ هو في حكم التكذيب للنبي ÷، والاستخفاف بنهيه عنه.

  وأيضاً الاستخفاف بالنبي والقرآن كفرٌ نحو السَبِّ والضرب وتحريق المصاحف تهاوناً، وذلك من أفعال الجوارح.

  قال #: وقيل: لا يقع كفرٌ إلَّا بالقول دون أفعال القلوب وأفعال الجوارح.

  قال: ولا يصح هذا القول إلَّا للكرامية؛ لأنهم يقولون: إنما الإيمان القول كما سبق. قال: وقيل: القول لا يدخله كفر وإنما هو يكشف عن الكفر. قال: والقائل بهذا أبو هاشم حيث قال: إنَّ إظهار كلمة الكفر ليست كفراً حتى يَنْضَمَّ إليها اعتقاد؛ بدليل أن المُكره يجوز أن ينطق بكلمة الكفر.

  قال #: قلنا: المعلوم أن إظهار كلمة الكفر كفر؛ إذ مَنْ أظهرها أجرينا عليه أحكام الكفر وإن لم نَطَّلِعْ على حقيقته. قال: والكفر ينقسم إلى ضربين:

  مُجْمَع عليه، وهو ما كان كفر تصريح على جهة التمرد والمعاندة، فهذا لا خلاف فيه بين المسلمين.


(١) روى الحديث: الإمام الهادي # في الأحكام بلفظ مقارب، ورواه مسلم في صحيحه، وأبو داود في سننه، والحاكم في المستدرك، والنسائي في سننه، وأحمد في مسنده، والطبراني في الأوسط وغيرهم بألفاظ مقاربة من قصة أسامة بن زيد.