[أسباب الكفر وأنواعه]
  (لنا) من الحجة عليهم (ما مَرَّ) من أنهم جهلوا بالله وسبُّوْهُ.
  وأيضاً المُجبرة جهلوا بالله تعالى المتعالي عن ظلم العباد لأنهم لا يعرفون إلَّا رباً أمر(١) بالظلم وفَعَلَهُ وقَدَّرَهُ وخَلَقَهُ.
  (و) لنا أيضاً (قوله تعالى: {فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى اللَّهِ وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ إِذْ جَاءَهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْكَافِرِينَ}) [الزمر ٣٢] وهذا نصٌ في تسميتهم كافرين.
  (فقد افترت المجبرة على الله تعالى الكذب حيث نسبت عصيان العباد إليه) ونزَّهت أنفسها والشيطان(٢) عن ذلك.
  (وكَذَّبَتْ هي والمُشَبِّهَةُ بالصدق؛ لأن الله تعالى يقول: {وَلاَ يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ}) [الزمر ٧] (والمجبرة تقول: بل رَضِيَهُ) وإلَّا لم يقع في ملكه؛ إذ لو وقع في ملكه ما لا يرضاه لَمَا كان إلَّا للعجز منه جل وعلا، وقد تقدم الرَدُّ عليهم.
  (ويقول تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى ١١] والمُجَسِّمَةُ تقول: بل هو كالأجسام، فَسَمَّاهم الله تعالى) أي: الُمَشَبِّهَة والمجبرة (في آخر الآية كافرين) حيث قال: {أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً لِلْكَافِرِين}، والمعنى: أليس في جهنم مثوىً لهم.
(١) كذا في النسخ، والصحيح أنهم لا يقولون: أمر، وإن كانوا يقولون: إنه تعالى أراد؛ لأن القرآن مصرح بأنه لا يأمر بالفساد أمراً، وإن كان كل واقع بإرادته، وكذا الرضا لا يقولون: إنه يرضى بالفساد، ففرقوا بين الرضا والإرادة والمشيئة، على ما هو مقرر عنهم، وإن كان لا فارق بين الرضا والإرادة على الصحيح، وإنما لم يصرحوا بلفظ الرضا والأمر؛ لأن ذلك يكون خلاف صريح القرآن في نحو قوله تعالى: {إن الله لا يأمر بالفحشاء}، وقوله تعالى: {ولا يرضى لعباده الكفر}، والرد عليهم مبسوط في مواضعه فتدبر، والله ولي التوفيق. كتبه مجد الدين بن محمد المؤيدي غفر الله لهما.
(٢) في (أ): والشياطين.