عدة الأكياس في شرح الأساس لعقائد الاكياس،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

[ذكر الموالاة والمعاداة وما يلحق بذلك]

صفحة 339 - الجزء 2

  وحقيقة المعاداة للغير: أن تُريد إنزال المضرة به وصرف المنافع عنه، ويعزم على ذلك إن قدر عليه ولم يعرض صارف.

  قال: وإنما يكونان دِيْنِيَّيْنِ حيث يُواليه لكونه ولياً لله تعالى ويُعاديه لكونه عدواً لله تعالى. فإن لم يكونا كذلك فَدُنْيَوِيَّانِ، نحو أن يُحب له الخير لقرابته منه أو لنفعه له، أو يحب له الشر لمضرته له أو لمن يحب.

  وقال القاسم بن إبراهيم # في كتاب الهجرة: ومن صار إلى عدو من أعداء الله إلى محبةٍ أو موالاةٍ أو مُسالمةٍ أو مُراضاةٍ أو مؤانسةٍ أو مُوَادَّةٍ أو مُداناةٍ أو مُقاعدةٍ أو مُجاورةٍ أو اقترابٍ فضلاً عن تَوَادّ أو تحابّ فقد باء راغماً صاغراً من الله جل ثناؤه بسخطه، وهلك في ذلك بهلكة عدو الله، وتورط من الهلكة في متورطه، وكان في الإساءة والجرم مثله، وأحلَّه الله في العداوة له محله ... إلى آخر كلامه #.

  وفيه تصريح بعدم اشتراط مواطأة القلب، وأن الأفعال التي يكون ظاهرها المحبة والإيناس موالاةً ولو كان يعتقد ويُضمر الكراهة والبغض، فكل فعل ظاهره الموالاة والمعاداة يُحْكَمُ على صاحبه به، ولا عبرة بفعل القلب، وإلَّا لما وجبت الهجرة.

  ويؤكد ذلك قوله تعالى: {وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ ...} الآية [الممتحنة ٤]، وما أخرجه رزينٌ عن سَمُرة بن جُندبٍ قال: أما بعد، فإن رسول الله ÷ قال: «من جامع المشرك أو سكن معه فإنه مثله»⁣(⁣١). وأخرج الترمذي⁣(⁣٢) بمعناه أو


= عن علي # بلفظ: (ولا يكون المؤمن مؤمناً حتى يحب للمؤمن ما يحب لنفسه)، وروى حديث الأمالي الطبراني في الكبير والبيهقي في شعب الإيمان، وروى قريباً منه أيضاً المرشد بالله # في الأمالي عن أنس بلفظ: «لا يؤمن عبد حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه»، وروى حديث أنس البخاري في صحيحه، والنسائي في سننه، وابن حبان في صحيحه، وأحمد في مسنده وغيرهم.

(١) رواه أبو داود في سننه، والطبراني في الكبير عن سمرة.

(٢) محمد بن عيسى بن سورة بن موسى الضحاك السلمي أبو عيسى الترمذي، صاحب الجامع والتفسير، توفي سنة تسع وسبعين ومائتين. (الجداول الصغرى باختصار).