(فصل: في التحسين والتقبيح العقليين)
  والأشعرية: منسوبون إلى مذهب أبي الحسن الأشعري(١) - وهو علي بن أبي بشر بن إسحاق بن سالم بن إسماعيل بن عبد الله بن موسى بن أبي بُردة بن أبي موسى الأشعري، كذا ذكره ابن خلكان(٢) - وهو أول من أظهر القول بأن الله يكلف ما لا يطاق، وأنه تعالى يرضى الكفر ويحبه، وأن عذاب الأنبياء وثواب الكفار يحسن منه تعالى، وغير ذلك من الأقوال الباطلة.
  فقال هؤلاء: (و) يستقل العقل بإدراك الحسن والقبح (باعتبار) ثالث، وهو (كونه) أي: ذلك الشيء (متعلَّقاً للمدح) لفاعله (والثواب) له، أي: الجزاء على فعله (عاجلين) أي: في الدنيا، وهذا في الحسن، (والذم والعقاب) لفاعله (كذلك) أي: عاجلين، أي: في الدنيا، وهذا في القبيح؛ لجري الإِلْفِ والعادةِ والشهرةِ بذلك؛ فجاز أن يتعلق به الذم والعقاب أو المدح والثواب فيما بينهم في العاجل، أي: في الدنيا، لا في الآجل، أي: في الآخرة؛ لأنه لا حقيقة له فيتعلق به ثواب أو عقاب من الله تعالى.
  قال (أئمتنا $ وصفوة الشيعة والمعتزلة وغيرهم: و) يستقل العقل بإدراك الحسن والقبح (باعتبار) رابع، وهو (كونه) أي: الشيء (متعلَّقاً للمدح عاجلاً) أي: في الدنيا (والثواب آجلاً) أي: في الآخرة، وهذا في الحسن، (والذم عاجلاً والعقاب آجلاً) أي: كونه متعلَّقاً للذم لفاعله في الدنيا والعقاب له في الآخرة، وهذا في القبيح.
(١) قد اختلف في اسمه فقيل: علي بن إسماعيل، وقيل: علي بن أبي بشر، وقيل غير ذلك، وشهرته أكثر بالكنية (أبي الحسن). مولده ووفاته كما في وفيات الأعيان حيث قال: مولده سنة سبعين وقيل: ستين ومائتين بالبصرة، وتوفي سنة نيف وثلاثين وثلاثمائة.
(٢) أحمد بن محمد بن إبراهيم بن أبي بكر ابن خلكان البرمكي الأربلي، أبو العباس المؤرخ، صاحب (وفيات الأعيان وأنباء أبنا الزمان) ولد في إربل ٦٠٨ هـ - بالقرب من الموصل على شاطئ دجلة الشرقي - وانتقل إلى مصر فأقام فيها مدة، وتولى نيابة قضائها، وسافر إلى دمشق، فولاه الملك الظاهر قضاء الشام، وعزل بعد عشر سنين، فعاد إلى مصر فأقام سبع سنين، ورد إلى قضاء الشام، ثم عزل عنه بعد مدة، وولي التدريس في كثير من مدارس دمشق، وتوفي فيها ٦٨١ هـ فدفن في سفح قاسيون. يتصل نسبه بالبرامكة. (الأعلام للزركلي باختصار).