عدة الأكياس في شرح الأساس لعقائد الاكياس،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

(فصل: في التحسين والتقبيح العقليين)

صفحة 75 - الجزء 1

  وقال (جمهور الأشعرية: لا مجال للعقل في) هذين الاعتبارين (الأخيرين) أي: حيث يكون متعلقاً للمدح والثواب عاجلين، والذم والعقاب كذلك، وحيث يكون متعلقاً للمدح عاجلاً والثواب آجلاً والذم عاجلاً والعقاب آجلاً؛ قالوا: فلا يدرك العقل فيهما حسناً ولا قبحاً، (ووافقهم) أي: وافق جمهور الأشعرية (أقلهم) أي: أقل الأشعرية، (و) كذلك وافقهم أيضاً (الحنفيةُ والحنابلةُ في آخرهما) أي: فيما كان متعلقاً للثواب آجلاً والعقاب آجلاً، فقالوا كلهم فيه: إن العقل لا يدرك فيه حسناً ولا قبحاً؛ لما مَرَّ من قاعدتهم المنهارة.

  قال (أئمتنا $ والمعتزلة وغيرهم: و) يستقل العقل بإدراك حسن الشيء (باعتبار) خامس، وهو (كونه⁣(⁣١) غير متعلق لأيّ الأربعة) أي: لا كان ملائماً للطبع ولا منافراً له، ولا صفة كمال ولا نقص، ولا كان متعلقاً للمدح والذم عاجلاً والثواب والعقاب عاجلاً، ولا كان متعلقاً للمدح عاجلاً والثواب آجلاً والذم عاجلاً والعقاب آجلاً، وذلك كالتمشي في الأرض ونحو ذلك من الأشياء المباحة، كالتنفس في الأهوية، والتظلل تحت الأشجار الغير المملوكة، (وهو) أي: هذا القسم الخامس (من الحَسَنِ) أي: مما يحكم العقل بحسنه؛ لأن حقيقة الحَسَنِ: ما لا يتعلق به ذم ولا عقاب، والقبيح عكسه، كما سيأتي إن شاء الله تعالى في كتاب العدل.

  وقال بعض البغدادية وغيرهم: بل هو من القبيح؛ لأن الأصل في مطلق الأفعال عندهم الحظر، وسيأتي ذلك في كتاب العدل إن شاء الله تعالى.

  (خلافاً للأشعرية) فإنهم قالوا: لا يدرك العقل فيه حسناً ولا قبحاً؛ لِمَا⁣(⁣٢) ذكروه من أن العبد غيرُ مختارٍ في فعله، وإنما يعلم الحسن والقبح - باعتبار تعلق


(١) أي: الشيء.

(٢) صوابه: لأنه تصرف في ملك الغير بغير إذنه، كما ذكره في الفصول. (من هامش الأصل).