(فصل): في ذكر الإحباط وكيفيته
  أمَّا لو كان الوقت باقياً وجبت عليه الإعادة؛ لِتَجَدُّد الخطاب، كما ذكره القاسم #. وكذلك يجب عليه إعادة الحج، والله أعلم.
  وقد أجاب القاسم # عمن سأله عن حج الفاسق فقال: حجته غير مُجْزِئةٍ له ولا يقبلها الله عنه؛ لقول الله سبحانه: {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ}[المائدة ٢٧].
  وقال مصنف الباهر: وهل يلزم الفاسق إعادة العبادات إذا تاب أو لا؟ قال قوم: هو كالكافر لا يُعيد، وإلى هذا أشار الناصر #. انتهى.
  (ولم تُسْقِط هي) أي: تلك الطاعة التي سقط قضاؤها (شيئاً من عقاب عصيانه وفاقاً لأبي علي) الجُبَّائي (والإخشيدية) من المعتزلة، إلا أن الفَرْقَ بين قول الإخشيدية وقول أبي علي: أن الإخشيدية تقول: تقع الموازنة بين الفعل وبين المُسْتَحَقِّ الذي هو الثواب والعقاب، فيكون الساقط مطلقاً هو الفعل، والمُسْقِط هو المستحق، فينحبط فعل الطاعة بالعقاب المُسْتَحَقِّ على المعصية، ويتكفر فعل المعصية بالثواب المستحق على الطاعة.
  وأما أبو علي فيقول: تقع الموازنة بين الفعلين: فعل الطاعة وفعل المعصية، ولا مدخل للمستحقين في إحباط ولا تكفير.
  قال النجري: لا خلاف أن الإحباط والتكفير واقعان في حق المكلفين واختلف في حقيقته، فعند أبي هاشم من المعتزلة: أن ذلك يقع بالموازنة فمن له أحد عشر جزءاً من الثواب وفعل ما يُوجب عشرة أجزاءٍ من العقاب تساقط العشرتان وصارت العشرة التي هي العقاب مُكَفَّرةً بعشرة من الثواب وبقي جزءٌ من الثواب يدخل به الجنة، ومن له عشرة من الثواب وأحد عشر من العقاب فإنه يَنْحَبِطُ الثواب بعشرة ويبقى عليه جزءٌ من العقاب يدخل به النار.
  قال: وقال أبو علي: بل يسقط الأقل وهو(١) العشرة في مثالنا، بالأكثر وهو الأحد عشر، ولا يسقط من الأكثر شيءٌ، فيستحق الأحد عشر التي هي الثواب
(١) في الأصل: وهي. وما أثبتناه من (أ، ب).