(فصل:) [والثواب والعقاب مستحقان عقلا وسمعا]
  منهم فنزلت هذه الآية الكريمة رَدَّاً على دعوى كل فريق وأخبرهم أن رجاءهم العفو عن [عصيانهم(١)] إنما هو أماني كاذبة باطلة.
  قال: ولا وجه لما رواه(٢) البغوي في المصابيح عن عائشة في أن المراد يجز به في الدنيا؛ لأن سببها يُكَذِّبه.
  (ونحوهما) أي: نحو هاتين الآيتين (من الآيات الخاصة في عصاة أهل الصلاة)، كقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ} إلى قوله تعالى: {وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا ..} الآية [النساء ٢٩ - ٣٠]، والقرآن مملوءٌ من نحوها.
  (وقد قال الله تعالى: {مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ) وَمَا أَنَا بِظَلاَّمٍ لِلْعَبِيدِ}[ق ٢٩] ومن ذهب إلى جواز خلف الوعيد من الله سبحانه في حق مرتكب الكبيرة أو خروجه من النار فقد نَقَضَ معنى هذه الآية وما تَقَدَّمها من الآيات الدالة على عقابه وخلوده في النار.
  وأما الفصل الثاني، وهو: أن الفاسق يستحق العقاب دائماً - فدلالة العقل عليه: أن المقتضي للعقاب هو المقتضي للذم، وهو فعل المعصية، وقد عَلِمْنَا حسن ذم الفاسق دائماً.
  وأما دلالة الشرع فهي كثيرة، منها: ما قد ذكر من الآيات في الفصل الأول المصرحة بدوام العقاب والتخليد في النار، ولم يُسمع خلافٌ ممن يُعْتَدُّ به، بل ذلك معلوم من دين النبي ÷ ضرورة من غير فرق بين الكافر والفاسق، وبعضها يخص الفاسق كما بَيَّنَّا.
  ومن السنة قوله ÷: «من تَحَسَّى سماً فهو يتحساه في نار جهنم خالداً
(١) في (أ، ب): عاصيهم.
(٢) في (أ): «ذكره».