عدة الأكياس في شرح الأساس لعقائد الاكياس،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

(فصل:) في ذكر الصور

صفحة 394 - الجزء 2

  قال الإمام المهدي #: وعلى هذا أكثر المفسرين. قيل: وينفخ فيه ثلاث نفخات: الأُولى: نفخة الفزع. والثانية: نفخة الصعق. والثالثة: نفخة القيام لرب العالمين. وقيل: ينفخ فيه مرتين الأولى لإماتة الخلائق، والثانية لإحيائهم.

  قلت: وهو الحق، أعني: أن النفخ إنما هو مرتان فقط؛ لا أن الصور هو القرن، والله أعلم. [وفي كلام علي # في نهج البلاغة ما يدل على هذا حيث قال: (في يوم تشخص فيه الأبصار، وتظلم له الأقطار، وتعطل فيه صروم العشار، وينفخ فيه الصور فتزهق كل مهجة وتبكم كل لهجة)⁣(⁣١)].

  (قلنا: لا دليل عليه) أي: على القرن الذي زعموه، لا (من القرآن) الكريم ولا من السنة الصحيحة المعلومة، (ولا ثقة بأخبار الحشوية) التي روتها في ذلك عن أبي هريرة وغيره (حيث لم يروه غيرهم) أي: غير الحشوية.

  قلت: وما ذهب إليه الإمام أحمد بن سليمان # محتمل، ويحتمل أن الصوت الذي ذكره الله في القرآن هو غير الصُّور المذكور في القرآن، والله أعلم.

  (قيل: لو كان الصُّور) وضع (لجميع الصور لما صحَّ إفراد الضمير في قوله تعالى: {ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ}) [الزمر ٦٨].

  (قلنا: ذلك) أي: إفراد الضمير (جائز في العربية إجماعاً في نحو هذا الجمع خاصة يقال: الصوف نفشته) والبسر أكلته.

  والوجه: أن هذا الجمع جارٍ مجرى المفرد. وقد جاء إفراد الضمير في الجمع أيضاً كقوله تعالى: {وَإِنَّ لَكُمْ فِي الأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ}⁣[النحل: ٦٦]، وفي آية أخرى: {مِمَّا فِي بُطُونِهَا}⁣[المؤمنون: ٢١].

  (و) أما (الناقور) الذي ذكره الله تعالى في القرآن فهو (مجاز) من قبيل الاستعارة (شَبَّه الله دعاءهم) أي: الخلائق (إلى المحشر بالنقر في الناقور،


(١) ما بين المعقوفين ساقط من الأصل، وثابت في (أ، ب).