[ذكر الصراط ومعناه]
  فتنطلق وهو بالأثر حتى ينتهي إلى قصر من الفضة شُرُفُهُ الذهب يرى ظاهره من باطنه وباطنه من ظاهره، فيريد أن يدخله؛ فتقول: يا ولي الله، أمامك ما هو أحسن منه، فتنطلق به إلى قصر من الذهب شُرُفُهُ الفضة يرى ظاهره من باطنه وباطنه من ظاهره فيقول: لمن هذا؟ فتقول: هو لك، فقال ÷: فلو مات أحد من أهل الجنة من الفرح لمات، فيريد أن يدخله؛ فتقول: أمامك ما هو أحسن منه، فلا يزال يمر على قصور جنانه وأنهاره، حتى تنتهي به إلى غرفة من ياقوت أحمر وأخضر وأصفر وأبيض، في الغرفة سرير عَرْضُه فرسخ في طول ميل عليه من الفُرُش كقدر سبعين غرفة بعضها فوق بعض، فراشه نور وسريره نور، وعلى رأس ولي الله تاج، لذلك التاج سبعون ركناً، في كل ركن ياقوتة تضيء مسير ثلاثة أيامٍ للراكب المتعب، وَجْهُهُ مثل القمر ليلة البدر، عليه طوق ووشاحان له نور يتلألأ، وفي يده ثلاثة أسورة من فضة وذهب ولؤلؤٍ، وذلك قوله تعالى: {يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ}[فاطر ٣٣] فيهتز السرير فرحاً وشوقاً إلى ولي الله، فيُوضع له حتى يستوي عليه، ثم يهتز في السماء.
  ثم تأتيه قهرمانة بقضيب الملك؛ فجعل ينكت به فينظر إلى أساس بنيانه ويسترقه مخافة أن يذهب ببصره، فبينما هو كذلك إذ أقبلت حوراء عيناء معها سبعون جاريةً وسبعون غلاماً، عليها سبعون حلَّة، يُرى مخ ساقها من وراء الحلل والحُلي والجلد والعظم، كما يُرى الشراب الأحمر في الزجاجة البيضاء، وكما ترون السلك في الدرة الصافية.
  قال: فلما عاينها نسي كل شيءٍ قبلها، فتستوي معه على السرير فيضرب بيده إلى نحرها فإذا هو يقرأ ما في كبدها، وإذا فيه مكتوب: «أنت حبي وأنا حبك إليك اشتهت نفسي» فذلك قوله تعالى: {كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ}، فينعم معها سبعين [سنة(١)] لا تنقطع شهوتها ولا شهوته، فبينما هم كذلك إذ أقبلت
(١) ساقط من الأصل. وثابت في (أ، ب).