المبحث الأول في ذكر المسند أو حذفه
  ٣ - وكضعف تنبّه السّامع، نحو: {أَصْلُها ثابِتٌ وَفَرْعُها فِي السَّماءِ}[إبراهيم: ٢٤] إذ لو حذف ثابت ربما لا يتنبّه السامع لضعف فهمه.
  ٤ - وكالرّد على المخاطب، نحو: {قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ}[يس: ٧٩]، جوابا لقوله تعالى: {مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ وَهِيَ رَمِيمٌ}[يس: ٧٨].
  ٥ - وكإفادة أنه: فعل فيفيد التّجدّد والحدوث، ومقيّدا بأحد الأزمنة الثلاثة بطريق الاختصار.
  أو كإفادة أنه اسم فيفيد الثبوت مطلقا، نحو: {يُخادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خادِعُهُمْ}[النساء: ١٤٢].
  فإنّ يخادعون تفيد التّجدّد مرّة بعد أخرى، مقيّدا بالزمن من غير افتقار إلى قرينة تدلّ عليه كذكر الآن أو الغد. وقوله: وهو خادعهم تفيد الثّبوت مطلقا من غير نظر إلى زمان.
  ويحذف المسند لأغراض كثيرة:
  ١ - منها إذا دلت عليه قرينة، وتعلّق بتركه غرض ممّا مرّ في حذف المسند إليه.
  والقرينة: إمّا مذكورة، كقوله تعالى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ}[لقمان: ٢٥، الزمر: ٣٨] أي: خلقهنّ اللّه. وإمّا مقدّرة، كقوله تعالى: {يُسَبِّحُ لَهُ فِيها بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ رِجالٌ}[النور: ٣٦] أي: يسبحه رجال، كأنّه قيل: من يسبّحه؟
  ٢ - ومنها الاحتراز عن العبث، نحو: {أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ}[التوبة: ٣] أي: ورسوله بريء منهم أيضا. فلو ذكر هذا المحذوف لكان ذكره عبثا لعدم الحاجة اليه.
  ٣ - ومنها ضيق المقام عن إطالة الكلام، كقول الشاعر:
  نحن بما عندنا وأنت بما عن ... دك راض والرّأي مختلف
  أي: نحن بما عندنا راضون، فحذف لضيق المقام.
  ٤ - ومنها اتباع ومجاراة ما جاء في استعمالاتهم الواردة عن العرب نحو: {لَوْ لا أَنْتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ}[سبأ: ٣١]. أي: لولا أنتم موجودون. وقولهم في المثل: رمية من غير رام أي هذه رمية.