جواهر البلاغة في المعاني والبيان والبديع،

أحمد الهاشمي (المتوفى: 1362 هـ)

(27) القول بالموجب القول بالموجب: نوعان:

صفحة 316 - الجزء 1

(٢٦) نفي الشيء بإيجابه

  نفي الشيء بإيجابه: هو أن ينفى متعلق أمر عن أمر، فيوهم إثباته له، والمراد نفيه عنه أيضا، نحو قوله تعالى: {رِجالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ}⁣[النور: ٣٧](⁣١). فإن نفي إلهاء التجارة منهم، إثباتها لهم، والمراد نفيها أيضا.

(٢٧) القول بالموجب القول بالموجب: نوعان:

  الأول: أن يقع في كلام الغير إثبات صفة لشيء وترتيب حكم عليها، فينقل السامع تلك الصفة إلى غير ذلك الشيء من غير تعرض لثبوت ذلك الحكم له أو انتفائه عنه كقوله تعالى:

  {يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ}⁣[المنافقون: ٨](⁣٢) فالمنافقون أرادوا بالأعز أنفسهم، وبالأذل المؤمنين ورتبوا على ذلك الإخراج من المدينة فنقلت صفة العزة للمؤمنين، وأبقيت صفة الأذلية للمنافقين، من غير تعرض لثبوت حكم الإخراج للمتصفين بصفة العزة ولا لنفيه عنهم.


(١). مقتطع من الآية: التي مرت في مبحث ترك المسند، حيث يقول: {يُسَبِّحُ لَهُ فِيها بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ رِجالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ}⁣[فإن قوله: لا تلهيهم تجارة] يوهم أن لهم تجارة، غير أنهم لا يلتهون بها.

ولكن المراد أنهم ليس لهم تجارة حتى يلتهو بها، لأن رجال الجنة لا يتعاطون التجارة.

(٢). تلخيص العبارة: أن الكافرين حكموا لأنفسهم بالعزة، وللمؤمنين، بالذلة وقالوا إن رجعنا إلى المدينة نخرجهم منها. فحكم بالعزة للّه، ولرسوله، وللمؤمنين ولم يقل إنهم يخرجون أولئك منها، ولا أنهم لا يخرجونهم.