جواهر البلاغة في المعاني والبيان والبديع،

أحمد الهاشمي (المتوفى: 1362 هـ)

5 - الموازنة

صفحة 338 - الجزء 1

  وتقفية، ونحو قوله تعالى: {وَالْمُرْسَلاتِ عُرْفاً فَالْعاصِفاتِ عَصْفاً}⁣[المرسلات: ٢] لاختلاف المرسلات، والعاصفات وزنا فقط، ونحو: حسد الناطق والصامت، وهلك الحاسد والشامت لاختلاف ما عدا الصامت، والشامت: تفقية فقط.

  والأسجاع مبنية على سكون أواخرها، وأحسن السجع ما تساوت فقره، نحو قوله تعالى:

  {فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ ٢٨ وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ ٢٩ وَظِلٍّ مَمْدُودٍ}⁣[الواقعة: ٢٨]. ثم ما طالت فقرته الثانية، نحو قوله تعالى: {وَالنَّجْمِ إِذا هَوى ما ضَلَّ صاحِبُكُمْ وَما غَوى}⁣[النجم: ٢] ثم ما طالت ثالثته، نحو قوله تعالى: {النَّارِ ذاتِ الْوَقُودِ إِذْ هُمْ عَلَيْها قُعُودٌ وَهُمْ عَلى ما يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ}⁣[البروج: ٥ - ٧] ولا يحسن عكسه، لأن السامع ينتظر إلى مقدار الأول، فإذا انقطع دونه، أشبه العثار⁣(⁣١)، ولا يحسن السجع إلا إذا كانت المفردات رشيقة، والألفاظ خدم المعاني.

  ولا يستحسن السجع أيضا إلا إذا جاء عفوا، خاليا من التكلف والتصنع، ومن ثم لا تجد لبليغ كلاما يخلو منه، كما لا تخلو منه سورة وإن قصرت.

  والسجع: موطنه النثر. وقد يجيء في الشعر نادرا، مثل قوله: [مجزوء البسيط]

  فنحن في جزل ... والروم في وجل

  والبرّ في شغل ... والبحر في خجل

  ولا يقال في القران «اسجاع» لان السجع في الأصل هدير الحمام ونحوها؛ بل يقال: «فواصل»

٥ - الموازنة

  الموازنة: هي تساوي الفاصلتين في الوزن دون التقفية، نحو قوله تعالى: {وَنَمارِقُ مَصْفُوفَةٌ وَزَرابِيُّ مَبْثُوثَةٌ}⁣[الغاشية: ١٦] فإن مصفوفة ومبثوتة متّفقتان في الوزن، دون التّقفية.


(١). يعني أنه لا يحسن أن يؤتى في السجع بفقرة أقصر مما قبلها كثيرا، لأن السجع إذا استوفى أمده من الأولى لطولها، ثم جاءت الثانية أقصر منها، يكون كالشئ المبتور.