جواهر البلاغة في المعاني والبيان والبديع،

أحمد الهاشمي (المتوفى: 1362 هـ)

تمرين

صفحة 283 - الجزء 1

  ومن لطيف ذلك قول بعضهم: [الطويل]

  سألت الندى والجود ما لي أراكما ... تبدّلتما ذلا بعز مؤبد

  وما بال ركن المجد أمسى مهدّما ... فقالا، أصبنا بابن يحيى محمد

  فقلت: فهلا متما عند موته ... فقد كنتما عبديه في كل مشهد

  فقالا: أقمنا كي نعزّى بفقده ... مسافة يوم ثم نتلوه في غد

  والكناية من ألطف أساليب البلاغة وأدقها، وهي أبلغ من الحقيقة والتصريح، لأن الانتقال فيها يكون من الملزوم إلى اللازم فهو كالدعوى ببينة، فكأنك تقول في زيد كثير الرماد زيد كريم، لأنه كثير الرماد وكثرته تستلزم كذا الخ، كيف لا وأنها تمكن الإنسان من التعبير عن أمور كثيرة، يتحاشى الإفصاح بذكرها، إما احتراما للمخاطب أو للإبهام على السامعين، أو للنيل من خصمه، دون أن يدع له سبيلا عليه، أو لتنزيه الأذن عما تنبو عن سماعه ونحو ذلك من الأغراض واللطائف البلاغية.

تمرين

  بين أنواع الكنايات الآتية، وعين لازم معنى كل منها.

  ١ - قال البحتري يصف قتله ذئبا: [الطويل]

  فأتبعتها أخرى فأضللت نصلها ... بحيث يكون اللبّ والرّعب والحقد⁣(⁣١)


(١). ضمير أتبعتها بعود على الطعنة، وأضللت أخفيت، والنصل حديدة السيف واللب العقل، والرعب الفزع والخوف.

واعلم أن الكناية: إما حسنة، وهي ما جمعت بين الفائدة ولطف الإشارة كما في الأمثلة السابقة.

وإما قبيحة، هي ما خلت عن الفائدة المرادة، وهي معيبة لدى أرباب البيان كقول المتنبي:

إني على شغفي بما في خمرها ... لأعف عما في سراويلاتها

كناية عن النزاهة والعفة. إلا أنها قبيحة لسوء تأليفها وقبح تركيبها.