الباب التاسع في الإيجاز، والإطناب، والمساواة
الباب التاسع في الإيجاز، والإطناب، والمساواة
  كل ما يجول في الصدر من المعاني، ويخطر ببالك معنى منها، لا يعدو التعبير(١) عنه طريقا من طرق ثلاث:
  أولا: إذا جاء التعبير على قدر المعنى، بحيث يكون اللفظ مساويا لأصل ذلك المعنى، فهذا هو «المساواة». وهي الأصل الذي يكون أكثر الكلام على صورته، والدستور الذي يقاس عليه.
  ثانيا: إذا زاد التعبير على قدر المعنى لفائدة، فذاك هو «الإطناب» فإن لم تكن الزيادة لفائدة فهي حشو أو تطويل.
  ثالثا: إذا نقص التعبير على قدر المعنى الكثير، فذلك هو «الإيجاز»(٢).
  فكل ما يخطر ببال المتكلم من المعاني فله في التعبير عنه بإحدى هذه الطرق الثلاث.
  فتارة يوجز. وتارة يسهب، وتارة يأتي بالعبارة بين بين. ولا يعد الكلام في صورة من هذه
(١). أي: إذا أردت أن تتحدث إلى الناس في معنى من المعاني، فأنت تعبر عنه تعبيرا صحيحا مقبولا في إحدى صور ثلاث وهي: المساواة، والإيجاز، والإطناب.
(٢). قال الإمام أمير المؤمنين علي #: ما رأيت بليغا قط إلا وله في القول إيجاز، وفي المعاني إطالة.
وقالت بنت الحطيئة لأبيها: ما بال قصارك أكثر من طوالك، قال: لأنها بالآذان أولج، وبالأفواه أعلق.
وقيل لشاعر: لم لا تطيل شعرك؟ فقال: حسبك من القلادة ما أحاط بالعنق.