جواهر البلاغة في المعاني والبيان والبديع،

أحمد الهاشمي (المتوفى: 1362 هـ)

المبحث الأول في الأمر

صفحة 67 - الجزء 1

المبحث الأول في الأمر

  الأمر: هو طلب الفعل من المخاطب: على وجه الاستعلاء⁣(⁣١) مع الإلزام، وله أربع صيغ:

  ١ - فعل الأمر كقوله تعالى: {يا يَحْيى خُذِ الْكِتابَ بِقُوَّةٍ}⁣[مريم: ١٢].

  ٢ - والمضارع المجزوم بلام الأمر كقوله سبحانه وتعالى: {لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ}⁣[الطلاق: ٧].

  ٣ - واسم فعل الأمر نحو: {عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ}⁣[المائدة: ١٠٥].

  ٤ - والمصدر النائب عن فعل الأمر، نحو: سعيا في سبيل الخير.

  وقد تخرج صيغ الأمر عن معناها الأصلي وهو «الإيجاب والإلزام» إلى معان أخرى:

  تستفاد من سياق الكلام، وقرائن الأحوال.

  ١ - كالدعاء: في قوله تعالى: {رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ}⁣[النمل: ١٩ والأحقاف: ١٥].

  ٢ - والالتماس: كقولك لمن يساويك: أعطني القلم أيها الأخ.

  ٣ - والإرشاد: كقوله تعالى: {إِذا تَدايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كاتِبٌ بِالْعَدْلِ}⁣[البقرة: ٢٨٢].

  ٤ - والتهديد: كقوله تعالى: {اعْمَلُوا ما شِئْتُمْ إِنَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ}⁣[فصلت: ٤٠].

  ٥ - والتعجيز: كقوله تعالى: {فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ}⁣[البقرة: ٢٣].


(١). بأن يعد الآمر نفسه عاليا لمن هو أقل منه شأنا، سواء أكان عاليا في الواقع أو لا. ولهذا نسب إلى سوء الأدب إن لم يكن عاليا. وذهب بعض إلى أن لا يشترط هذا، والأشبه أن الصدور من المستتر يفيد إيجابا في الأمر، وتحريما في النهي، واعلم أن الأمر للطلب مطلقا، والفور والتراخي من القرائن، ولا يوجب الاستمرار والتكرار في الأصح، وقيل ظاهره الفور كالنداء والاستفهام إلا بقرينة، وهو ما اختاره السكاكي، واعلم أيضا أن الأمر يكون استعلاء مع الأدنى، ودعاء مع الأعلى، والتماسا مع النظير.