(1) التورية
الباب الأول في المحسنات المعنوية
(١) التورية(١)
(١). التورية أن يطلق لفظ له معنيان: أحدهما قريب غير مراد، والآخر بعيد هو المراد، ويدل عليه بقرينة يغلب أن تكون خفية لا يدركها إلا الفطن.
وتنقسم التورية إلى أربعة أقسام، مجردة، مرشحة، ومبينة، ومهيأة.
١ - فالمجردة، هي التي لم تقترن بما يلائم المعنيين: كقول الخليل لما سأله الجبار عن زوجته، فقال «هذه أختي»، أراد أخوة الدين، وكقوله: {وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ ما جَرَحْتُمْ بِالنَّهارِ}.
٢ - المرشحة، هي التي اقترنت بما يلائم المعنى القريب، وسميت بذلك لتقويتها به، لأن القريب غير مراد، فكأنه ضعيف، فإذا ذكر لازمه تقوى به نحو: {وَالسَّماءَ بَنَيْناها بِأَيْدٍ} فإنه يحتمل (الجارحة) وهو القريب، وقد ذكر من لوازمه البنيان على وجه الترشيح. ويحتمل (القدرة) وهو البعيد المقصود، وهي قسمان باعتبار ذكر اللازم قبلها أو بعدها.
٣ - والمبينة هي ما ذكر فيها لازم المعنى البعيد، سميت بذلك لتبيين المورى عنه بذكر لازمه، إذ كان قبل ذلك خفيا، فلما ذكر لازمه تبين، نحو: [الكامل]
يا من رآني بالهموم مطوقا ... وظللت من فقدي غصونا فىّ شجون
أتلومني في عظم نوحي والبكا ... شن المطوق أن ينوح على غصون
وهي أيضا قسمان باعتبار ذكر اللازم قبل أو بعد. =