المبحث الثاني في كيفية إلقاء المتكلم الخبر للمخاطب
  ويسمّى هذا الضرب من الخبر: طلبيّا ويؤتى بالخبر من هذا الضّرب حين يكون المخاطب شاكّا في مدلول الخبر، طالبا التثبّت من صدقه.
  ثالثا: أن يكون المخاطب منكرا للخبر الذي يراد إلقاؤه إليه، معتقدا خلافه، فيلزم تأكيد الكلام له بمؤكد. أو مؤكدين أو أكثر، على حسب حاله من الإنكار، قوة وضعفا. نحو: إنّ أخاك قادم، أو إنه لقادم، أو واللّه إنه لقادم. أو لعمري: إنّ الحقّ يعلو ولا يعلى عليه. ويسمّى هذا الضرب من الخبر: إنكاريا ويؤتى بالخبر من هذا الضرب حين يكون المخاطب منكرا.
  واعلم أنه كما يكون التأكيد في الإثبات، يكون في النفي أيضا، نحو: ما المقتصد بمفتقر، ونحو: واللّه ما المستشير بنادم.
تنبيهات
  الأول: لتوكيد الخبر أدوات كثيرة، وأشهرها إنّ، ولام الابتداء وأحرف التنبيه، والقسم، ونونا التوكيد، والحروف الزائدة (كتفعّل واستفعل نحو: استعفف)، والتكرار، وقد، وأمّا الشّرطيّة، وإنّما، واسمية الجملة، وضمير الفصل، وتقديم الفاعل المعنوي.
  الثاني: يسمى إخراج الكلام على الأضرب الثلاثة السابقة إخراجا على مقتضى ظاهر الحال(١).
  وقد تقتضي الأحوال العدول عن مقتضى الظاهر ويورد الكلام على خلافه لاعتبارات يلحظها المتكلم، وسلوك هذه الطريقة شعبة من البلاغة.
  ١ - منها: تنزيل العالم بفائدة الخبر، أو لازمها، أو بهما معا، منزلة الجاهل بذلك، لعدم جريه على موجب علمه فيلقى إليه الخبر كما يلقى إلى الجاهل به، كقولك لمن يعلم وجوب
(١). اعلم أن (الحال) هو الأمر الداعي إلى إيراد الكلام مكيفا بكيفية ما سواء أكان ذلك الأمر الداعي ثابتا في الواقع، أو كان ثبوته بالنظر لما عند المتكلم كتنزيل المخاطب غير السائل منزلة السائل.
(وظاهر الحال) هو الأمر الداعي إلى إيراد الكلام مكيفا بكيفية مخصوصة بشرط أن يكون ذلك الأمر الداعي ثابتا في الواقع فكل كيفية اقتضاها ظاهر الحال اقتضاها الحال، وليس كل كيفية اقتضاها الحال اقتضاها ظاهره.