جواهر البلاغة في المعاني والبيان والبديع،

أحمد الهاشمي (المتوفى: 1362 هـ)

فصاحة الكلام

صفحة 23 - الجزء 1

فصاحة الكلام

  فصاحة الكلام: سلامته بعد فصاحة مفرداته ممّا يبهم معناه، ويحول دون المراد منه⁣(⁣١) وتتحقق فصاحته بخلوّه من ستة عيوب.

  ١ - تنافر الكلمات مجتمعة، ٢ - ضعف التأليف، ٣ - التّعقيد اللفظي ٤ - التّعقيد المعنوي، ٥ - كثرة التكرار⁣(⁣٢)، ٦ - تتابع الإضافات.

  الأوّل: تنافر الكلمات مجتمعة: أن تكون الكلمات ثقيلة على السمع، يلزم من تركيبها مع بعضها عسرة النطق بها مجتمعة على اللسان. (وإن كان كل جزء منه على انفراده فصيحا).

  والتّنافر يحصل: إمّا بتجاور كلمات متقاربة الحروف، وإمّا بتكرير كلمة واحدة.


(١). المراد بفصاحة الكلام تكوّنه من كلمات فصيحة يسهل على اللسان النطق بها لتآلفها، ويسهل على العقل فهمها لترتيب ألفاظها وفق ترتيب المعاني.

ومرجع ذلك إلى الذوق السليم والإلمام بقواعد النحو، بحيث يكون واضح المعنى سهل اللفظ. حسن السبك، ولذلك يجب أن تكون كل لفظة من ألفاظه واضحة الدلالة على المقصود منها. جارية على القياس الصرفي، عذبة سلسلة، كما يكون تركيب الكلمات جاريا على القواعد النحوية خاليا عن تنافر الكلمات مع بعضها، ومن التعقيد. فمرجع الفصاحة سواء في اللفظة المفرد، أو في الجمل المركبة إلى أمرين (مراعاة القواعد، والذوق السليم) وتختلف فصاحة الكلام أحيانا باختلاف التعبير عما يدور بالنفس من المعاني اختلافا ظاهرا. فتجد في عبارات الأدباء من الحسن والجودة ما لا تجد في تعبير غيرهم، مع اتحاد المعنى الذي يعبر عنه ويختلف الأدباء أنفسهم في أساليبهم: فقد يعلو بعضهم في أسلوبه. فتراه يسيل رقة وعذوبة. ويصل إلى القلوب فيبلغ منها ما يشاء أن يبلغ. وذلك نوع من البيان يكاد يكون سحرا، وقد يكون دون هذه المنزلة قليلا أو كثيرا، وهو مع ذلك من فصيح القول وحسن البيان.

(٢). (كثرة التكرار: وتتابع الإضافات) أقول الحق، إن هذين العيبين قد احترز عنهما بالتنافر. على أن بعضهم أجازهما لوقوعهما في القرآن كما في قوله تعالى {وَنَفْسٍ وَما سَوَّاها} الآيات، وفي قوله تعالى: {ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا}.