جواهر البلاغة في المعاني والبيان والبديع،

أحمد الهاشمي (المتوفى: 1362 هـ)

مقدمة (في معرفة الفصاحة والبلاغة)

صفحة 15 - الجزء 1

مقدمة⁣(⁣١) (في معرفة الفصاحة والبلاغة)

الفصاحة

  الفصاحة: تطلق في اللّغة على معان كثيرة، منها: البيان والظّهور، قال اللّه تعالى: {وَأَخِي هارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِساناً}⁣[القصص: ٣٤] أي أبين منّي منطقا وأظهر منّي قولا. ويقال:

  أفصح الصّبيّ في منطقه. إذا بان وظهر كلامه. وقالت العرب: أفصح الصّبح. إذا أضاء، وفصح أيضا.

  وأفصح الأعجميّ: إذا أبان بعد أن لم يكن يفصح ويبين. وفصح اللسان: إذا عبّر عمّا في نفسه.

  وأظهره على وجه الصّواب دون الخطأ.

  والفصاحة: في اصطلاح أهل المعاني، عبارة عن الألفاظ البيّنة الظّاهرة، المتبادرة إلى الفهم، والمأنوسة الاستعمال بين الكتاب والشّعراء لمكان حسنها.


(١). مقدمة مشتقة من قدم اللازم، وهذه مقدمة كتاب لأنها ألفاظ تقدمت أمام المقصود لارتباط له بها وانتفاع بها فيه، بخلاف مقدمة العلم فهي معان يتوقف المشروع عليها، كبيان حد العلم المشروع فيه، وموضوعه، وغايته.

واعلم أن علوم البلاغة أجل العلوم الأدبية قدرا، وأرسخها أصلا، وأبسقها فرعا وأحلاها جنى، وأعذبها وردا. لأنها العلوم التي تستولي على استخراج درر البيان من معادنها، وتريك محاسن النكت في مكامنها (ولو لاها لم تر لسانا يحوك الوشي، ويلفظ الدر. وينفث السحر، ويريك بدائع الزهر، وينثر بين يديك الحلو اليانع من الثمر) فهي الغاية التي تنتهي إليها أفكار النظر واللآلئ التي تتطلبها غاصة البحار لهذا كانت منزلتها تلو العلم بتوحيد اللّه تعالى.