جواهر البلاغة في المعاني والبيان والبديع،

أحمد الهاشمي (المتوفى: 1362 هـ)

المبحث الأول في مواضع الوصل

صفحة 161 - الجزء 1

بلاغة الوصل

  وبلاغة الوصل: لا تتحقق إلا بالواو العاطفة فقط دون بقية حروف العطف، لأن الواو هي الأداة الّتي تخفى الحاجة إليها، ويحتاج العطف بها إلى لطف في الفهم، ودقة في الإدراك، إذ لا تفيد إلا مجرّد الربط، وتشريك ما بعدها لما قبلها في الحكم: نحو: مضى وقت الكسل، وجاء زمن العمل، وقم واسع في الخير.

  بخلاف العطف بغير الواو فيفيد مع التشريك معاني أخرى، كالترتيب مع التعقيب في الفاء وكالترتيب مع التراخي في ثمّ، وهكذا باقي أدوات العطف الّتي إذا عطف بواحد منها ظهر الفائدة، ولا يقع اشتباه في استعماله.

  وشرط العطف بالواو أن يكون بين الجملتين جامع. كالموافقة في نحو: يقرأ ويكتب، وكالمضادة في نحو: يضحك ويبكي، وإنما كانت المضادّة في حكم الموافقة، لأن الذهن يتصوّر أحد الضدين عند تصور الآخر، فالعلم يخطر على البال عند ذكر الجهل. كما تخطر الكتابة عند ذكر القراءة.

  والجامع يجب أن يكون باعتبار المسند إليه والمسند جميعا. فلا يقال: خليل قادم والبعير ذاهب، لعدم الجامع بين المسند إليهما كما لا يقال: سعيد عالم، وخليل قصير، لعدم الجامع بين المسندين، وفي هذا الباب مبحثان.

المبحث الأول في مواضع الوصل

  الوصل: عطف جملة على أخرى بالواو، ويقع في ثلاثة مواضع⁣(⁣١):

  الأول: إذا اتحدت الجملتان في الخبرية والإنشائية لفظا ومعنى. أو معنى فقط⁣(⁣٢) ولم يكن هناك سبب يقتضي الفصل بينهما وكانت بينهما مناسبة تامة في المعنى.


(١). الوصل يقع وجوبا بين جملتين متناسبتين لا متحدتين ولا مختلفتين كما سيأتي تفصيل ذلك.

(٢). المعول عليه اتحادهما في المعنى لأن العبرة به ولا قيمة لاختلاف الصورة اللفظية.