المبحث الثاني في مواضع الفصل
المبحث الثاني في مواضع الفصل(١)
  أحيانا تتقارب الجمل في معناها تقاربا تاما، حتى تكون الجملة الثانية كأنها الجملة الأولى، وقد تنقطع الصّلة بينهما. إمّا لاختلافهما في الصّورة، كأن تكون إحدى الجملتين إنشائية والأخرى خبرية. وإمّا لتباعد معناهما، بحيث لا يكون بين المعنيين مناسبة، وفي هذه الأحوال يجب الفصل في كل موضع من المواضع الخمسة الآتية وهي:
  الموضع الأول: كمال الاتصال وهو اتحاد الجملتين اتحادا تاما وامتزاجا معنويا بحيث تنزل الثانية من الأولى منزلة نفسها:
  أ - بأن تكون الجملة الثانية بمنزلة البدل من الجملة الأولى، نحو: {وَاتَّقُوا الَّذِي أَمَدَّكُمْ بِما تَعْلَمُونَ أَمَدَّكُمْ بِأَنْعامٍ وَبَنِينَ}[الشعراء: ١٣٢ - ١٣٣](٢).
  ب - أو بأن تكون الجملة الثانية بيانا لإبهام في الجملة الأولى. كقوله سبحانه:
  {فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطانُ قالَ يا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلى شَجَرَةِ الْخُلْدِ}[طه: ١٢٠] فجملة: قال يا آدم بيان لما وسوس به الشيطان إليه.
(١). الفصل: ترك الربط بين الجملتين: إما لأنهما متحدتان صورة ومعنى. أو بمنزلة المتحدتين: وإما لأنه لا صلة بينهما في الصورة أو في المعنى.
(٢). هذا في بدل البعض، وأما في بدل الكل: فنحو قوله تعالى: {بَلْ قالُوا مِثْلَ ما قالَ الْأَوَّلُونَ ٨١ قالُوا أَ إِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً وَعِظاماً أَ إِنَّا لَمَبْعُوثُونَ} فجملة {قالُوا أَ إِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً} قولوا كالبدل المطابق، وأما بدل الاشتمال فنحو قوله: [الطويل]
أقول له ارحل لا تقيمن عندنا ... وإلا: فكن في السر والجهر مسلما
فجملة لا تقيمن بمنزلة البدل من جملة «ارحل» بدل اشتمال لأن بينهما مناسبة بغير الكلية والجزئية.