المبحث الرابع في تقسيم التشبيه باعتبار وجه الشبه
المبحث الرابع في تقسيم التشبيه باعتبار وجه الشّبه
  وجه الشبه: وهو الوصف الخاص(١) الذي يقصد اشتراك الطرفين فيه كالكرم في نحو:
(١). إما «حقيقة» كالبأس في قولك «زيد كالأسد» وإما «تخيلا» كما في قوله: [الكامل]
يا من له شعر كحظي أسود ... جسمي نحيل من قراقك أصفر
فإن وجه الشبه فيه بين الشعر والحظ هو السواد. وهما يشتركان فيه، لكنه يوجد في المشبه تحقيقا. ولا يوجد في المشبه به إلا على سبيل التخييل لأنه ليس من ذوات الألوان:
ثم اعلم أن وجه الشبه، إما داخل في حقيقة الطرفين وذلك كما في تشبيه ثوب بآخر، في جنسهما أو نوعهما أو فصلهما كقولك هذا القميص مثل ذلك في كونهما كتانا أو قطنا، وإما خارج عن حقيقتهما وهو ما كان صفة لهما «حقيقة» وهي قد تكون حسية كالحمرة في تشبيه الخد بالورد، وقد تكون عقلية كالشجاعة في تشبيه الرجل بالأسد، أو «إضافية» وهي ما ليست هيئة متقررة في الذات، بل هي معنى متعلقا بها كالجلاء في تشبيه البينة بالصبح.
ثم إن وجه التشبيه قد يكون واحدا وقد يكون بمنزلة الواحد «لكونه مركبا من متعدد» وقد يكون متعددا، وكل من ذلك قد يكون حسيا وقد يكون عقليا.
«أما الواحد» فالحسي منه كالحمرة في تشبيه الخد بالورد، والعقلي كالنفع في تشبيه العلم بالحياة.
«وأما المركب» فالحسي منه قد يكون مفرد الطرفين، كما في قوله: [الطويل]
وقد لاح في الصبح الثريا كما ترى ... كعنقود ملاحببه حين نوّرا
فإن وجه الشبه فيه هو الهيئة الحاصلة من التئام الحبب البيض الصغيرة المستديرة المرصوص بعضها فوق بعض على الشكل المعلوم. وكلا الطرفين مفرد، وهما الثريا والعنقود.
وقد يكون مركب الطرفين كما في قوله: [الكامل]
والبدر في كبد السماء كدرهم ... ملقى على ديباجة زرقاء
فإن وجه الشبه فيه هو الهيئة الحاصلة من طلوع صورة بيضاء مشرقه مستديرة في رقعة زرقاء مبسوطة، =