المبحث الثاني في كيفية إلقاء المتكلم الخبر للمخاطب
المبحث الثاني في كيفية إلقاء المتكلم الخبر للمخاطب
  حيث كان الغرض من الكلام الإفصاح والإظهار، يجب أن يكون المتكلم مع المخاطب كالطيب مع المريض، يشخّص حالته، ويعطيه ما يناسبها. فحقّ الكلام:، أن يكون بقدر الحاجة، لا زائدا عنها، لئلا يكون عبثا، ولا ناقصا عنها، لئلا يخلّ بالغرض، وهو: الإفصاح والبيان.
  لهذا تختلف صور الخبر في أساليب اللغة باختلاف أحوال المخاطب الذي يعتريه ثلاث أحوال:
  أولا: أن يكون المخاطب خالي الذهن من الخبر. غير متردد فيه ولا منكر له، وفي هذه الحال لا يؤكد له الكلام، لعدم الحاجة إلى التوكيد. نحو قوله تعالى: {الْمالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَياةِ الدُّنْيا}[الكهف: ٤٦]. ويسمى هذا الضرب من الخبر: ابتدائيا ويستعمل هذا الضرب حين يكون المخاطب خالي الذهن من مدلول الخبر فيتمكن فيه لمصادفته إيّاه خاليا(١).
  ثانيا: أن يكون المخاطب مترددا في الخبر، طالبا الوصول لمعرفته، والوقوف على حقيقته فيستحسن تأكيد(٢) الكلام الملقى إليه تقوية للحكم، ليتمكّن من نفسه ويطرح الخلاف وراء ظهره، نحو: إن الأمير منتصر.
(١).
عرفت هواها قبل أن أعرف الهوى ... فصادف قلبا خاليا فتمكنا
(٢). المراد بالتأكيد في هذا الباب تأكيد الحكم، لا تأكيد المسند إليه ولا تأكيد المسند.
واعلم أن الخطاب بالجملة الاسمية وحدها آكد من الخطاب بالجملة الفعلية، فإذا أريد مجرد الاخبار أتي بالفعلية، وأما إن أريد التأكيد فبالاسمية وحدها، أو بها مع إن، أو بهما وباللام، أو بالثلاثة والقسم، واعلم أن لام الابتداء هي الداخلة على المبتدأ، واللاحقة للخبر، كما أن السين وسوف لا تفيدان التوكيد إلا إذا كانت للوعد أو الوعيد.