جواهر البلاغة في المعاني والبيان والبديع،

أحمد الهاشمي (المتوفى: 1362 هـ)

(2) الاستخدام

صفحة 295 - الجزء 1

  وكقوله: [الطويل]

  برغم شبيب فارق السيف كفّه ... وكانا على العلّات يصطحبان

  كأنّ رقاب الناس قالت لسيفه ... رفيقك قيسيّ وأنت يماني⁣(⁣١)

(٢) الاستخدام

  الاستخدام: هو ذكر لفظ مشترك بين معنيين، يراد به أحدهما، ثم يعاد عليه ضمير، أو إشارة، بمعناه الآخر، أو يعاد عليه ضميران يراد بثانيهما غير ما يراد بأوّلهما.

  فالأول: كقوله تعالى: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ}⁣[البقرة: ١٨٥] أريد أوّلا بالشهر الهلال ثم أعيد عليه الضمير أخيرا بمعنى أيام رمضان. وكقول معاوية بن مالك: [الوافر]

  إذا نزل السّماء بأرض قوم ... رعيناه وإن كانوا غضابا

  أراد بالسماء المطر وبضميره في رعيناه النّبات⁣(⁣٢)، وكلاهما معنى مجازي للسماء.


(١). يريد أن كف شبيب وسيفه متنافران، لا يجتمعان، لأن شبيبا كان قيسيا والسيف يقال له: «يماني» فورى به عن الرجل المنسوب إلى اليمن ومعلوم ما بين قيس واليمن من التنافر فظاهر قوله «يماني» أنه رجل منسوب إلى اليمن، ومراده البعيد الدلالة على السيف، لأن كلمة يماني من أسمائه.

(٢). ملخص الاستخدام: هو أن يؤتى بلفظ له معنيان، فيراد به أحدهما. ثم يراد بضميره المعنى الآخر، كقول الشاعر: [البسيط]

وللغزالة شيء من تلفته ... ونورها من ضيا خديه مكتسب

أراد الشاعر: بالغزالة الحيوان المعروف وبضمير «نورها» الغزالة بمعنى الشمس وكقوله: [البسيط]

رأى العقيق فأجرى ذاك ناظره ... متيم لج في الأشواق خاطره

وكقوله: [الطويل]

إذا لم أبرقع بالحيا وجه عفتي ... فلا أشبهته راحتي بالتكوم

ولا كنت ممن يكسر الجفن بالوغى ... إذا أنا لم أعضضه عن رأي مخرم =