جواهر البلاغة في المعاني والبيان والبديع،

أحمد الهاشمي (المتوفى: 1362 هـ)

علم البيان

صفحة 197 - الجزء 1

علم البيان

  ١ - البيان⁣(⁣١): لغة الكشف، والإيضاح، والظّهور⁣(⁣٢).

  واصطلاحا: أصول وقواعد يعرف⁣(⁣٣) بها إيراد المعنى الواحد، بطرق يختلف بعضها عن بعض، في وضوح الدلالة العقلية على نفس ذلك المعنى.


(١). هو اسم لكل شيء كشف لك بيان المعنى، وهتك لك الحجب، دون الضمير، حتى يفضي السامع إلى حقيقة، ويهجم على محصوله، كائنا ما كان ذلك البيان. ومن أي جنس كان ذلك الدليل، لأن مدار الأمر والغاية التي يجري إليها القائل والسامع، إنما هو الفهم والإفهام. فبأي شيء بلغت الأفهام، وأوضحت عن المعنى فذلك هو البيان في ذلك الموضع. واعلم أن المعتبر في علم البيان دقة المعاني المعتبرة فيها من الاستعارات والكنايات مع وضوح الألفاظ الدالة عليها. فالبيان هو المنطق الفصيح، المعرب عما في الضمير.

(٢). فإذا كان معنى البيان (الإيضاح) كان متعديا. وإن كان بمعنى (الظهور) كان لازما يقال: بينت الشيء:

أوضحته. وبان الشيء ظهر واتضح، وكذلك تقول أبنت الشيء وأبان الشيء، وكذلك بينت الشيء أظهرته، وبين الشيء ظهر، وكذلك تبينت الشيء وتبيّن الشيء واستبنت الشيء، واستبان الشيء، بمعنى واحد.

والتبيان بالكسر البيان. والكشف، والإيضاح.

(٣). أي يعرف من حمل تلك الأصول كيف يعبر عن المعنى الواحد بعبارات بعضها أوضح من بعض. فعلم البيان:

عليم يستطاع بمعرفته إبراز المعنى الواحد بصور متفاوتة، وتراكيب مختلفة في درجة الوضوح، مع مطابقة كل منها مقتضى الحال، فالمحيط بفن البيان الضليع من كلام العرب منثوره ومنظومه. إذا أراد التعبير عن أي معنى يدور في خلده ويجول بضميره. استطاع أن يختار من فنون القول، وطرق الكلام ما هو أقرب لمقصده. وأليق بغرضه، بطريقة تبين ما في نفس المتكلم من المقاصد وتوصل الأثر الذي يريده به إلى نفس السامع في المقام المناسب له، فينال الكاتب والشاعر، والخطيب، من نفس مخاطبيه إذا جود قوله، وسحرهم ببديع بيانه.

ولا بد في علم البيان من اعتبار [المطابقة المقتضى الحال] المعتبرة في علم المعاني فمنزلة [المعاني] من [البيان] منزلة الفصاحة من البلاغة.