المبحث الثامن في التقييد بالشرط
تنبيهات
  الأول: علم مما تقدم: أن المقصود بالذات من الجملة الشرطية هو الجواب: فإذا قلت إن اجتهد فريد كافأته، كنت مخبرا بأنك ستكافئه، ولكن في حال حصول الاجتهاد، لا في عموم الأحوال(١). ويتفرع على هذا: أنها تعد خبرية أو إنشائية باعتبار جوابها.
  الثاني: ما تقدم من الفرق بين إن وإذا، هو مقتضى الظاهر.
  وقد يخرج الكلام على خلافه، فتستعمل إن في الشرط المقطوع بثبوته أو نفيه لأغراض كثيرة:
  أ - كالتجاهل: نحو قول المعتذر: إن كنت فعلت هذا فعن خطأ.
  ب - وكتنزيل المخاطب العالم منزلة الجاهل لمخالفته مقتضى علمه. كقولك للمتكبر توبيخا له: إن كنت من تراب فلا تفتخر.
  ح - وكتغليب غير المتصف بالشرط على المتصف به: كما إذا كان السفر قطعيّ الحصول لسعيد، غير قطعيّ لخليل، فتقول إن سافرتما كان كذا(٢).
(١). قال السكاكي: قد يقيد الفعل بالشرط لاعتبارات تستدعي التقييد به ولا يخرج الكلام بتقييده به عما كان عليه من الخبرية والإنشائية، فالجزاء إن كان خبرا: فالجملة خبرية نحو إن جئتني أكرمك أي أكرمك لمجيئك، وإن كان إنشاء فالجملة إنشائية. نحو إن جاءك خليل فأكرمه. إي إكرمه وقت مجيئه، فالحكم عنده في الجمل المصدرة بأن وأمثالها في الجزاء، وأما نفس الشرط فهو قيد للمسند فيه، وقد أخرجته الأداة عن الخبرية واحتمال الصدق والكذب.
(٢). أي ففيه تغليب لمن لم يقطع له بالسفر على من قطع له به فاستعملت (إن) في المجزوم. وهو من قطع له به بسبب تغليبه على من لم يقطع له به، وهذا السبب مساغ لذكر (إن)، واعلم أن التغليب (الذي هو أن يعطى أحد المصطحبين، أو المتشاكلين حكم الآخر) باب واسع يجري في أساليب كثيرة نكات عديدة، سمحت بها المطولات في هذا المقام. واعلم أيضا: أن المقصود بالذات من جملتي الشرط والجواب: هو جملة الجواب فقط، وأما جملة الشرط فهي قيد لها، فإذا قلت إن زارني سليم أكرمته فالمقصود أنك ستكرم سليما، ولكن في حال زيارته لك.
فتعد الجملة اسمية أو فعلية أو خبرية. أو إنشائية: باعتبار الجواب كما سبق توضيحه مفصلا: فارجع إليه إن شئت.